فكيف يؤخذ بظاهر هذا الخبر مع أن الليل مختلف في البلاد باختلاف المشارق ، والمغارب؟!! وإذا كان الله ينزل لأهل كل أفق نزولا حقيقيا في ثلث ليلهم الأخير فمتى يستوي على عرشه حقيقة كما يقولون؟!! ومتى يكون في السماء حقيقة كما يقولون؟!! مع أنّ الأرض لا تخلو من الليل في وقت من الأوقات ، ولا ساعة من الساعات كما هو ثابت ، وأكيد.
سادسا : يرد على أنصار هذه الشبهة بما قاله حجة الإسلام أبو حامد الغزالي : «نقول للمتشبث بظواهر الألفاظ : إن كان نزوله من السماء الدنيا ليسمعنا نداءه ، فأي فائدة في نزوله؟! ولقد كان يمكنه أن ينادينا كذلك ، وهو على العرش أو على السماء العليا. فلا بدّ أن يكون ظاهر النزول غير مراد ، وأنّ المراد به شيء آخر غير ظاهره. وهل هذا إلّا مثل من يريد ، وهو بالمشرق ، إسماع شخص في المغرب ، فتقدم إلى المغرب بخطوات معدودة ، وأخذ يناديه ، وهو يعلم أنّه لا يسمع نداءه ، فيكون نقله الأقدام عملا باطلا ، وسعيه نحو المغرب عبثا صرفا فلا فائدة فيه ، وكيف يستقر مثل هذا في قلب عاقل» (١).
الشبهة الثانية :
إنّ القول بالمتشابه يؤدي إلى الترجيح بين الآيات القرآنية ترجيحا مذهبيا يشوبه التعصب ، وينتابه الضعف ، والخفاء.
نقل السيوطي عن الإمام فخر الدين الرازي أنّه قال : «من الملحدة من طعن في القرآن لأجل اشتماله على المتشابهات» ، وقال : إنّكم تقولون : إنّ تكاليف الخلق مرتبطة بهذا القرآن إلى قيام الساعة ، ثمّ إنّا نراه بحيث يتمسك به صاحب كل مذهب على مذهبه. فالجبري متمسك
__________________
(١) الزرقاني ـ مناهل العرفان ـ ج ١ ص ٢٩٥.