بآيات الجبر : كقوله تعالى : (إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً) سورة الكهف آية ٥٧.
والقدري يقول : هذا مذهب الكفار بدليل أنّه تعالى حكى عنهم ذلك في معرض الذم في قوله تعالى : (وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ).
وفي موضع آخر : (وَقالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ) سورة البقرة آية ٨٨. ومنكر الرؤية متمسك بقوله تعالى : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) سورة الأنعام آية ١٠٣. ومثبت الجهة متمسك بقوله تعالى : (يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ) سورة النحل آية ٥٠. (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) سورة طه آية ٥. والثاني متمسك بقوله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) سورة الشورى آية ١١. ثم يسمي كل واحد الآيات الموافقة لمذهبه محكمة ، والآيات المخالفة متشابهة ، وإنما آل في ترجيح بعضها على بعض إلى ترجيحات خفية ، ووجوه ضعيفة ، فكيف يليق بالحكيم أن يجعل الكتاب الذي هو المرجوع إليه في كلّ الدين إلى يوم القيامة هكذا؟!!.
تفنيد هذه الشبهة :
إنّ نسبة بعض أفعال الجوارح لله تعالى كالبصر ، والإدراك ، والاستواء ، والرؤية ، لا تعني تشبيه الله الخالق بمخلوقاته أو تجسيمه ، وإنما الغرض من ذلك التقريب للأفهام ، والتنبيه للعقول ، والتأنيس للقلوب.
ويمكن تفنيد هذه الشبهة بالقول : بأنّ لوقوع المتشابه فوائد منها : أنّه يوجب مزيدا من المشقة في الوصول إلى المراد ، وزيادة المشقة توجب مزيد الثواب.
ويمكن تفنيد هذه الشبهة بما ذكره ابن اللبّان في مقدمة كتابه : «رد الآيات المتشابهات إلى الآيات المحكمات» إذ قال ما خلاصته : «ليس في الوجود فاعل إلا الله وأفعال العباد منسوبة الوجود إليه تعالى بلا