تفنيد هذه الشبهة :
إنّ الحكمة من القول بالمتشابه موجودة قطعا. وهنا يفرّق بين المتشابه الذي يمكن علمه ، والمتشابه الذي لا يمكن علمه. فالمتشابه الذي يمكن علمه ، فالحكمة من وجوده يتمثل في حفزه العلماء ، والفقهاء والدارسين على التبحر في العلم ، والوقوف على موضوعاته ، وجزئياته ، والغوص في دقائقه ، والإحاطة بخواصه.
وتتمثل حكمة المتشابه أيضا في إظهار منازل الناس ، وتكريس شواهد التفاضل ، وتبيين درجات التفاوت منهم ؛ نظرا لأنّه لو كان القرآن كلّه محكما ، لما احتاج إلى التأويل ، والبحث ، ومن ثم لاستوت منازل الناس ، ودرجاتهم ، ومن ثم لم يظهر فضل العالم الباحث المفسّر المؤول عن غيره من العوام. أمّا المتشابه الذي لا يمكن علمه أي الذي استأثره الله بعلمه ، فحكمته تتجلى في ابتلاء العباد بالاستسلام لله ، والأخذ به ، والتفويض ، والتوقف فيه لله تعالى ، ومن ثم التعبد به تلاوة كالمنسوخ حكما دون التلاوة ؛ فقد بقي قرآنا يتعبد به تلاوة نثاب عليها ، وبالتالي فإنّ حكمة هذا المتشابه تتمثل في أمر آخر هو إثبات إعجاز القرآن البياني حيث إنّه أعجز من نزل القرآن بلغتهم ، وبيانهم ، ومع ذلك أفحمهم ، فعجزوا عن فهم معناه ، والوقوف على حقيقته ، مما يؤصل بالتالي حقيقة الألوهية للقرآن ، وأنه كلام الله العربي المعجز ، وفي أقصر سورة منه.
الشبهة الرابعة :
إن القول بالمتشابه يقود إلى السؤال التالي : «هل للمحكم مزية على المتشابه أولا؟! فإن قلتم بالثاني ، فهو خلاف الإجماع ، وإلّا فقد نقضتم أصلكم في أنّ جميع كلامه سبحانه سواء ، وانّه منزل بالحكمة».
تفنيد هذه الشبهة :
وقد أجاب أبو عبد الله النكرباذي على هذه الشبهة بقوله : بأن