ومساواته إيّاه في أمور أخرى ، فلا تعارض ، ولا تناقض ، كما أنّ كلّ عضو من أعضاء جسم الإنسان له مزيته ، وخاصته التي صار بها عضوا ، والكل بعد ذلك يساوي الآخر في أنه جزء للإنسان في خصائصه العامة من حسن ، وحياة» (١).
الشبهة الخامسة :
إن القول بالمتشابه يؤدي إلى التأويل ، وهو اتباع المتشابهات بالتأويل. فإن الناظر في موقف السلف ، والخلف من المتشابه ، يجزم بأنّهم جميعا مؤولون لأنّهم صرفوا ألفاظ المتشابهات عن ظواهرها ؛ وصرفها عن ظواهرها تأويل لها. وبذلك فإنّهم مؤولون وقعوا جميعا فيما نهى الله عنه ، وهو اتباع المتشابهات بالتأويل ، حيث وصفهم الله تعالى بأنّ في قلوبهم زيغا ، فقال تعالى في الآية السابقة : (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ) سورة آل عمران آية ٧.
تفنيد هذه الشبهة :
وننقل هنا ما قاله الشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني في الرد على أصحاب هذه الشبهة.
أولا : إنّ القول بكون السلف ، والخلف مجمعين على تأويل المتشابه قول له وجه من الصحة لكن بحسب المعنى اللغوي ، أو ما يقرب من المعنى اللغوي. أمّا بحسب الاصطلاح السائد فلا ؛ لأنّ السلف ، وإن وافقوا الخلف في التأويل ، فقد خالفوهم في تعيين المعنى المراد باللفظ بعد صرفه عن ظاهره ، وذهبوا إلى التفويض المحض بالنسبة إلى هذا التعيين. أمّا الخلف فركبوا متن التأويل إلى هذا التعيين.
ثانيا : إنّ القول بأنّ السلف ، والخلف جميعا وقعوا بتصرفهم
__________________
(١) الزرقاني ـ مناهل العرفان ـ ج ٢ ص ٣٠٠.