وهم أهل لغتهم العربية ، فقد أثبت هؤلاء عجزهم عن محاكاة القرآن والإتيان بمثله حتى وبمثل أقصر سورة منه ، وتكون من ثلاث آيات ، وكل ذلك لأنّ معارضة القرآن ، ومحاكاته تقتضي الإحاطة بجميع معانيه ومقاصده ، ويعني هذا الإتيان بمثله ، أي الإتيان بقرآن بشري وضعي أرضي. وهذا ما لم يحصل ، ولن يحصل حتى بالنسبة للعرب الفصحاء البلغاء والّذين لغتهم هي نفسها لغة القرآن العربية. نقول : إن كان هذا لم تحصل القدرة عليه من قبل أهل لغة القرآن ، فيكف يتسنى أو يعقل أن يحصل من أو يقدر عليه غير العرب من أصحاب اللغات الأعجمية الأخرى؟!!. فقد تحدّى القرآن العرب أن يأتوا بمثله فعجزوا ، ولم يستطيعوا ، مصداق قوله تعالى : (فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ) الطور آية ٣٤.
وقد تحدّاهم أن يأتوا بعشر سور مثله ، فعجزوا ، ولم يستطيعوا ، مصداق قوله تعالى : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) سورة هود آية ١٣. وقد تحداهم أن يأتوا بسورة واحدة مثله فعجزوا أيضا ، ولم يستطيعوا ، مصداق قوله تعالى : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) سورة يونس آية ٣٨.
وقد حذّر الله العرب ، وفي تحذيره لهم تحذير لغيرهم من الأعاجم أو كلّ من تسوّل له نفسه الافتراء على هذا القرآن ، أو الادعاء أنّ في مقدوره الإتيان بمثله ، قال تعالى : (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ) سورة البقرة آية ٢٤. وفي هذا التحذير الرباني نفي ، وأي نفي للإتيان بمثل هذا القرآن. وفيه نفي ، وأي نفي لاستطاعة الإتيان بأية ترجمة للقرآن إلى لغة أخرى يدّعى أنّها ترجمة حرفية له ، تقوم مقامه ، أو تحل محله ، وفي الواقعين النظري ، والعملي معا.
التعليل الخامس : إنّ الترجمة الحرفية للقرآن تستلزم طلب المستحيل العادي ، وهو حرام. فطلب الاستحالة العادية حتى ولو بطريق