إذا أحسنا قراءة الفاتحة ثمّ لحن ، أو نطق أحدهما بلهجة أعجمية في شيء من القرآن غير الفاتحة لا تبطل صلاتهما. والمراد من الأعجمية : اللهجة ، ومن اللسان : اللغة. كما هو استعماله في هذه المواطن. فهذا النص يدل على أنّ اللسان الأعجمي بعد قراءة المفروض عدده ، وهو الفاتحة ، لا يبطل الصلاة ، وهو موافق للحنفية في هذا».
ويذكر الشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني في كتابه «مناهل العرفان» تعليقا على تفسير مراد الإمام الشافعي بقوله : «أمّا الذي ذكروه من أن هذا هو مراد الشافعي ـ رحمهالله ـ فسلم به ، بيد أنّه يحتاج إلى تكملة لا بد منها ، وهي : أنّ عدم بطلان الصلاة في هذه الصورة مشروط بأن تقصد القراءة. أمّا إذا كان المقصود كلاما غير القراءة ، فإنّها تبطل. ثمّ إنّ منشأ عدم البطلان ليس هو جواز قراءة غير الفاتحة بالأعجمية كما فهموا ، إنّما منشؤه أنّ هذه القراءة بالأعجمية وقعت في غير ركن ، وفي غير واجب للصلاة لما هو مقرر في مذهب الشافعية من أن ما زاد على الفاتحة ليس واجبا في الصلاة بحال. وهذا لا ينافي أن القراءة بالأعجمية محرمة كما سبق في نصوص الشافعية ، وكما عرف من كلام الشافعي نفسه ، ولهذه المسألة نظائر منها : الصلاة في الأرض المغصوبة. فإنّها محرّمة ، ومع حرمتها ، فإنّها صحيحة. ويؤيد حرمة القراءة بالأعجمية أنّ الشافعي في كلامه هنا قد سوى بين اللحن ، والقراءة بالأعجمية ، ونظمها في سلك واحد مع ما هو معلوم من أنّ اللحن في القرآن حرام بإجماع المسلمين» (١).
المذهب الحنبلي :
أولا : قال شيخ الإسلام ابن تيمية : «وأما الإتيان بلفظ يبين المعنى كبيان لفظ القرآن فهذا غير ممكن أصلا. ولهذا كان أئمة الدين
__________________
(١) محمد عبد العظيم الزرقاني. مناهل العرفان. ج ٢. ص ١٦٥.