بالأسباب والأعذار قطع عليهم آمالهم في تخرصاتهم واحتجاجاتهم ، وشتى ما يتذرعون به في عدم قدرتهم على المعارضة ؛ وطمأنهم إفحاما لهم أنّهم لم ، ولن يستطيعوا أن يعارضوا القرآن حتى ولو توفرت دواعي معارضته لديهم. أفليس في هذا استثارة لحمية أذهانهم ، ودافعا ومحركا لمشاعرهم وألسنتهم ، وهم أهل صناعة تحدّاهم القرآن بها!! فقال تعالى : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) سورة الإسراء آية ٨٨.
وقد أكمل القرآن إعجازه البياني بتحديه لهم أن يأتوا بمثل أقصر سورة منه كسورة الكوثر ، فعجزوا. قال تعالى : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) سورة البقرة آية ٢٣.
وبذلك فقد أحالهم القرآن ، وأحاط شبهتهم بكل تفنيد ، وكل زعزعة وخلخلة لكل ما يدعون. فهم سيظلون عاجزين عن معارضة القرآن حتى ولو توافرت لهم دوافع ذلك. ومن هنا ، وقطعا لدابرهم ، وعنادهم ، فقد حذرهم من تماديهم في افتراءاتهم ومعاذيرهم ، فيبقون بلا حجة ، وينتهون إلى غير مبرر ؛ فأصبحوا بلا عذر لهم على كذبهم ، وادعاءاتهم ، وإلّا وإن لم يتقوا الله ويكفوا ، فالنار مثواهم. فالله تعالى يقول لهم : (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ) سورة البقرة آية ٢٤.
ب ـ وبالنسبة للعقيدة ـ فقد تحدّاهم أكثر من مرة ، وفي أكثر من مناسبة أن يثبتوا صدق عقائدهم في الوثنية ، والكفر ، والشرك ، بل وسفه أحلامهم ، وأحط من عقائدهم ، ودياناتهم ، وعقائد آبائهم وأجدادهم. وكل ذلك بأساليب الترغيب ، والترهيب. أو ليس فيها دافع يثير حماسهم ، ويوقظ عصبياتهم ، ويستفزّ حميتهم حمية