بسند جيد : «جاء رجال من قريش إلى النبي «صلىاللهعليهوآلهوسلم» فقالوا له : يا محمد ، تعال تمسح بآلهتنا ، أو ألمّ بآلهتنا ، وندخل معك في دينك ، فنزل قوله تعالى : (وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً) سورة الإسراء آية ٧٣.
وقوله تعالى في السورة نفسها : (وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً) آية ٧٤. وأي سبب هذا الذي ألمّ بقدراتهم في التحدي ، وهم الذين ألصقوا به كل صفات الطعن ، وخصال الشبهات ، فوصفوه مرة بالساحر ، ومرة بالكاهن ، ومرة بالشاعر ، ومرة بالمجنون. مصداق قوله تعالى : (وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ) سورة الصافات آية ٣٦. ورد عليهم شبهتهم ، وفنّد مطعنهم : فقال : (بَلْ جاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ) سورة الصافات آية ٣٧.
وقد قادهم مطعنهم ، وأوصلهم حقدهم ، وسار بهم عجزهم ، وألّبهم مكرهم في محاربة القرآن إلى أن جعلوا أصابعهم في آذانهم ، واستغشوا ثيابهم ، وغشّوها على أعين فتيانهم ، فمنعوهم حتى من سماعه حتى لا ترق لحلاوة طلائه. ولم يطق أشراف قريش أن يستعلن أبو بكر بقراءة القرآن في فناء داره ، إذ كانت تهوي إليه أفئدة من أبنائهم ، ونسائهم وعبيدهم ، يستمعون لقراءته ، فخشي المشركون أن يفتتنوا. وإن ابن الدّغنة قد أجاب أبا بكر ، فأمروه أن يسترد جواره منه إذا أصر على الإعلان بقراءته. وقد فعل ـ وهذا ما رواه البخاري.
ثمّ ألم يمكروا ، ويطعنوا ، ويكيدوا ، ليثبتوه ، أو يقتلوه ، أو يخرجوه. وفي هذا صدق قول ربنا فيهم إذ يقول : (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ) سورة الأنفال آية ٣٠.
ولقد مكروا ، وكادوا ، وقاتلوا ، وأخرجوا المسلمين من ديارهم ونفوهم من مهجة حبه مكة أحب البقاع إلى الله ، ورسوله ، ومن ثم ، وبعد هذا يدعون ، ويزعمون أن شاغلا شغلهم عن معارضة القرآن ، وما