لم يكن يعاني من عوارض مرضية نفسانية كانت أم بدنية. وينفي عنه القاصي والدّاني من المؤرخين للسيرة النبويّة إصابته بمرض الهذيان النفسي أو الهستيري كما يحلو لبعضهم أن ينسبوه إليه. والمؤرخون يثبتون كماله الصحي في العقل والذهن ، والحس ، والبدن. وكذلك كماله الصحي في الخلق ، والفضيلة ، والعادة. ولنا أن نتساءل : كيف يتفق ما نسبوه إليه ، ومع ما عرف عنه من صفاء في التفكير ، وحسن في التدبير ، وعقلانية سليمة في التخطيط كرئيس لدولة ناشئة قامت ، وأخذت تزلزل الأرض من تحت قياصرة وأكاسرة أعظم الدول في ذلك الزمن على الإطلاق؟؟! ولنا أن نتساءل : وإذا كان هذا حال الرسول «صلىاللهعليهوآلهوسلم» من صفات صفاء الفكر ، والذهن ، وحسن البصيرة ، فلما ذا نسبوا إليه إصابته بتلك الأمراض عند كلامهم عن القرآن ، وإعجازه ، وتجاهلوا الكلام عنها ، بل ونفوها عند كلامهم عن إدارته ، ورئاسته؟! أو ليس هذا يوقعهم في شبهتهم التي أرادوها للرسول «صلىاللهعليهوآلهوسلم» ، وحيث لا يستطيعون الخلاص منها؟!! إنّ «مايكل هارت» وهو الكافر الناقد يحصي أسماء أعظم مائة رئيس دولة في التاريخ ، ولم يسعه حياده إلّا أن يصنف الرسول «صلىاللهعليهوآلهوسلم» بأنّه الأوّل ، وأتى باسمه على رأس القائمة. ونتساءل أيضا : هل يستطيع المريض بالهوس النفساني أو الهستيري أن يدير شئون نفسه أو بيته؟؟! فكيف يتسنى له إذن أن يدير دولة ناشئة ، ويثبت قدرة هائلة في التخطيط ، والبناء ، والإدارة ، والحرب ، وقدرة هائلة في المخاطبة والإقناع؟!!
ثانيا : واحتكاما إلى جميع المعايير العلمية ، والتاريخية ، والنقلية ، فإنّه من الثابت عند الجميع أنّ القرآن يختلف عن الحديث النبوي ـ وخاصة فيما يتعلق بمعالمه ، وخصائصه ، وسماته ، وشواهده الإعجازية في البيان ، واللغة ، والأسلوب ، وعدم القدرة على التحريف ، وغيرها ـ ولو كان القرآن من تأليف محمد كما يزعمون لما قصّر العرب في إثبات ذلك أوّلا ، ولاستطاعوا أن يأتوا بقرآن أو بشبيه له كما استطاعوا ذلك بالنسبة للكلام النبوي ، ويظهر لك من أوتي ذوقا بيانيا سليما الفرق