تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) إلى قوله ، (وَأَنَّ اللهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ). وقد وردت هذه القصة في صحيح البخاري ، وتأخر الوحي في النزول يبرئ عائشة حوالي شهر.
ب ـ ومثال ما نزل من القرآن على غير تروّ وغير انتظار : ١ ـ قوله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) الإسراء آية ٨٥.
أخرج البخاري عن ابن مسعود قال : كنت أمشي مع النبيّ «صلىاللهعليهوآلهوسلم» بالمدينة ، وهو يتوكأ على عسيب ، فمر بنفر من يهود ، فقال بعضهم : لو سألتموه ، فقالوا : حدثنا عن الروح؟ فقام ساعة ، ورفع رأسه ، فعرفت أنّه يوحى إليه حتى صعد الوحي ثم قال : (الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً).
وأخرج الترمذي عن ابن عباس قال : «قالت قريش لليهود : علمونا شيئا نسأل هذا الرجل. فقالوا : سلوه عن الروح. فسألوه ، فأنزل الله : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي).
٢ ـ قوله تعالى : (غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ) سورة النساء آية ٩٥.
روى البخاري عن زيد بن ثابت قال : «كنت عند النبي «صلىاللهعليهوآلهوسلم» حين نزلت عليه : «لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله» ، ولم يذكر «أولي الضرر». فقال ابن أم مكتوم : كيف ، وأنا أعمى لا أبصر؟! قال زيد : فتغشى النبيّ «صلىاللهعليهوآلهوسلم» في مجلسه الوحي ، فاتكأ على فخذي. فو الذي نفسي بيده ، لقد ثقل على فخذي حتى خشيت أن يرضها. ثمّ سرى عنه ، فقال : أكتب (لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ). وإمعانا ، وتأكيدا ، وتثبتا لبطلان شبهتهم ، فإنّنا ، وذوي البصيرة نجزم أن ما أوردناه من آيات هي أمثلة من كثير من القرآن منه ما نزل بعد تروّ ، وتمهل ، ومنه ما نزل على ترو وتمهل ، ولا تجد بينهما فرقا في الأسلوب ، والاتساق ، والتناسق