والبلاغة ، والعذوبة ، والبيان ... الخ. فكلا النزولين يعتبران ضربا واحدا من الكلام القرآني من حيث الأسلوب. وكذلك الحديث النبوي : فمنه ما قيل بعد تروّ ، وتمهل ، وتفكير ، وتدبر ، وتشاور ، وطول انتظار كأحاديثه «صلىاللهعليهوآلهوسلم» في شئون الحرب ، والصلح. ومنه ما قيل في الحال ، ودون ترو أو تمهل ، أو تفكر ، أو طول انتظار : كحديث المعتمر المتمضخ بالطيب. وجاء يسأل النبي «صلىاللهعليهوآلهوسلم» عن طيبه في عمرته ، فسكت النبي ساعة حتى جاءه الوحي ، ولما سرى عنه قال : «أين السائل عن العمرة»؟ فجيء به ، فقال عليه الصلاة والسلام. «أما الطيب الذي بك ، فاغسله ثلاث مرات. وأمّا الجبة فانزعها ، واصنع في عمرتك ما تصنع في حجك» لما رواه الشيخان.
الشبهة السادسة :
إنّ القرآن في أسلوبه غير معجز ، لأنّه من تأليف بشر. بدليل أن الرسول «صلىاللهعليهوآلهوسلم» تعلمه ، وأخذه من أناس آخرين أمثال : ورقة بن نوفل ، والحدّاد الرومي ، وبحيرا الراهب. وذلك حتى يبعد تهمة تأليف القرآن عن نفسه عند ما وجد من العرب من هو أفصح منه لسانا ، وأبلغ منه بلاغة ، وأقدر منه مخاطبة ، وأسحر منه بيانا ، وأطلق منه فصاحة.
تفنيد هذه الشبهة :
أولا : إن أولى شبهات شبهتهم أنّهم لم يتفقوا على اسم شخص مزعوم ينسبون إليه قول القرآن. وما كان اختلافهم وتفرقهم هذا إلّا بغيا بينهم ، ومن بعد أن جاءتهم البينات على أنّه الحق من ربهم. فكان اختلافهم هذا أوّل نقض لشبهتهم ـ وصدق فيهم قول ربهم : (كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللهُ