يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) سورة البقرة آية ٢١٣. وأيضا قول ربهم : (وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ) سورة البينة آية ٤. وقوله أيضا : (وَما تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ) سورة الشورى آية ١٤.
ثانيا : إنّ ثاني شبهات شبهتهم أنّهم لم يأتوا ، ولو بدليل أو برهان واحد على صدق دعواهم ، سواء أكان هذا الدليل أو ذلك البرهان نقليا ، أو علميا ، أو تاريخيا ، أو عقليا يصدقه العقل السليم أو الفطرة النقية. وبذلك فإنّ فقدان قولهم للدليل هو في حد ذاته نقض لشبهتهم ؛ ويعريها ويفقدها كل مسوغ للقبول. وبذلك يبقى قولهم عبثا ، ولهوا.
وهنا يصدق فيهم قول ربهم : (قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) النمل آية ٦٤. وهم ، وقد فقدوا الدليل والبرهان على صدق دعواهم ، قالوا هذا سحر مبين. حيث صدق فيهم قول ربهم : (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ هذا سِحْرٌ مُبِينٌ) سورة الأحقاف آية ٧.
وهم ، وقد فقدوا الشهادة على صدق دعواهم ، وقالوا افتراه كان الله تعالى شهيدا عليهم حيث صدق فيهم قول ربهم : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ فِيهِ كَفى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) سورة الأحقاف آية ٨. أي أنّ الله أعلم بما تخوضون في القرآن من وجوه الطعن ، ومنها تهمة أخذه وتعلمه من وعن الغير ـ وهم قد فقدوا من يشهد على صدق طعنهم ـ فكفى بالله تعالى أن يكون شاهدا يشهد للرسول «صلىاللهعليهوآلهوسلم» بالصدق ، ويشهد عليهم بالجحود ، والتكذيب. وهم وقد فقدوا كل دليل ، وكل برهان على صدق شبهتهم خاطبهم الله تعالى بالعقلانية ، وأن يستعملوا عقولهم ، وأن يرجعوا إلى الحق ، ويعترفوا بصدق ألوهية القرآن ، ونبوّة الرسول «صلىاللهعليهوآلهوسلم» ، فخاطبهم بلسان رسوله : (قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ) سورة الأحقاف آية ٩.
وقال مخاطبا لهم على لسان رسوله ، وفي نفس الآية مؤصلا