لألوهية الوحي : (إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ وَما أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ) سورة الأحقاف آية ٩.
قال ابن كثير : «أي ما أنا بالأمر الذي لا نظير له حتى تستنكروني وتستبعدوا بعثتي إليكم ؛ فقد أوصل الله قبلي جميع الأنبياء إلى الأمم. وهم ، وقد فقدوا كل برهان على صحة دعواهم ، وصدق شبهتهم ، والتي العناية الإلهية إفحامهم ؛ وبأن أشهدهم ، ومن أنفسهم على صدق ألوهية القرآن ، فقال تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) سورة الأحقاف آية ١٠.
قال الإمام الزمخشري في الكشاف : «وجواب الشرط محذوف ، وتقديره : إن كان القرآن من عند الله ، وكفرتم به ألستم ظالمين؟! ودل على هذا المحذوف قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) سورة الأحقاف آية ١٠ (١).
وقال المفسرون : والشاهد من بني إسرائيل هو ـ عبد الله بن سلام ـ وذلك حين قدم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم المدينة ، جاء إليه عبد الله بن سلام يمتحنه ، فلما نظر إلى وجهه ، علم أنّه ليس بوجه كذاب ، وعرف أنّه النبي المنتظر ، والذي بشرت به التوراة. فقال له عبد الله بن سلام : إنّي سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبيّ : ما أوّل أشراط الساعة؟! وما أوّل طعام أكله أهل الجنة؟! وما بال الولد ينزع إلى أبيه ، أو إلى أمه؟! فلما أجابه ، قال عبد الله بن سلام : أشهد أنّك رسول الله حقا (٢). وهم ، وقد فقدوا كل دليل ، وكل برهان على صحة دعواهم ـ ومنهم أهل الكتاب الذين آمنوا بالتوراة ، والإنجيل ـ فقد ناقضوا أنفسهم في شبهتهم ؛ فهم يصدقون بالتوراة ، وفي نفس الوقت يكفرون بالقرآن ، ويدعون أنّه من
__________________
(١) الزمخشري ـ الكشاف ـ ج ١ ص ٢٣٦.
(٢) الإمام البخاري ـ صحيح البخاري.