والاعوجاج ؛ والنور ، والظلمات ؛ والعدل ، والظلم. وقد خرق الله به سنن العادات ، ونواميس الكون ؛ إحقاقا للحق ، وإبطالا للباطل ، فكيف لا يكون هذا إعجازا؟!! وكيف يسمى هذا خرقا للنظام العام أو تحقيق الحق؟! أليس القرآن من عند الله؟! أليس الله أعلم بخلقه؟! أليس الله المالك لكونه؟! أليس الله المتصرف بمخلوقاته؟! إذن أين العجب من خرق الله لنواميس كونه؟! فليس في نزول القرآن شذوذ أو خروج باطل عن الكونية ، وسننها ؛ وإنّما به جاء الحقّ ، وزهق الباطل. وبهذا خاطب الله رسوله محمدا «صلىاللهعليهوآلهوسلم» أن يقول لقومه على لسان ربه : (وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً) سورة الإسراء آية ٨١.
ولعلنا لا نبالغ إن قلنا : إنّ أساس شبهتهم الخاطئ أنّهم جعلوا القرآن بشريا ، وأنّه من محمد «صلىاللهعليهوآلهوسلم». فكانت شبهتهم ، وبغير دليل ، حجة عليهم ، وعلى افترائهم ، بأن القرآن لا يجوز أن يخرق نواميس الكون ، أو أن يخرج عن النظام العام ، وهم لا يعلمون معنى ذلك الخروج. وهم تناسوا ، أو أغلقوا عقولهم عن التصديق ، والإيمان بالله ، وقرآنه ؛ ولو فعلوا ذلك ، لما طاحوا ، ولعلموا دوما أنّ هذا القرآن كتاب إلهي جاء ليحق الحق ، ويبطل الباطل ، ولو خرق نواميس الكون ، ولو كره المجرمون مصداق قوله تعالى : (لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْباطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ). سورة الأنفال آية ٨.
ثالثا : وأمّا بالنسبة لكون القرآن أثرا من آثار الموهبة كما يدعون ، فإنّنا نعجزهم بأن يوحدوا بين الموهبة ، والمعجزة. وما بينهما إلّا كما بين الثرى ، والثريا. فالموهبة تتحقق للكثيرين ، ولمن أخذ بأسبابها ، وعواملها. فهي تتحقق كثيرا بالنسبة للأفراد ، والأمم ، والشعوب ، وفي كل العصور. وأمّا المعجزة فلا وسائل ، ولا عوامل تكتسب بها أبدا ، وإنّما هي تدبير رباني ، وخلق إلهي لا يعطى لأي إنسان ، ولا يستطيعه فرد ؛ وليس له أشباه ونظائر معتادة أبدا ، وبذلك كانت معجزات الأنبياء ، والرسل الحسية فريدة في إعجازها ؛ ولم يستطع أحد من البشر الإتيان