بمثلها. فبالنسبة لموسى مثلا ، ظن فرعون ، وسحرته أنّ ما جاء به موسى سحرا أو شعوذة ؛ فاعتقدوا أنّهم سيغلبونه ، ويفندون سحره ؛ لأنّهم برعوا في هذا الفن. فقال الله تعالى على لسانهم : (قالَ أَجِئْتَنا لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا بِسِحْرِكَ يا مُوسى (٥٧) فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ) سورة طه آية ٥٧ ـ ٥٨.
وقال تعالى أيضا على لسانهم : (قالُوا إِنْ هذانِ لَساحِرانِ يُرِيدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِما وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى) سورة طه آية ٦٣.
ولكن ، وبعد أن أبطل الله سحرهم ، استيقن السحرة عظمة معجزة موسى. وأن ما جاء به موسى ليس سحرا ؛ فآمنوا ، وسجدوا لرب هارون وموسى. وهذا مصداق قوله تعالى : (وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى (٦٩) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى) سورة طه آية ٦٩ ـ ٧٠.
وكما قال شيخنا الزرقاني : «أمّا المعجزات فلن تجد لها من وسائل ، ولا عوامل ، ولن تستطيع أن تصل إلى أشباه معتادة لها ونظائر ؛ اللهم إلّا إذا خرجنا عن نطاق الكون المعروف ، وسنن الوجود المألوف» (١).
رابعا : وأمّا قضية الفتاة الفرنسية «جان دارك».
أ ـ فلم يكن فيها أو بالنسبة لها خرق للسنن الكونية ، ولم تكن معجزة بمعنى الكلمة. وعملها لم يكن من قبيل الإعجازات ، اللهم إلّا إذا كانت مثل الذي يتحقق فعله للكثيرين. وكثير حتى من النساء من فعل مثل فعلها.
ب ـ وأمّا كونها تدعي أنّها مرسلة من قبل العناية الإلهية ، فهذا كذب ، ولم تثبت صحته حتى بالنسبة لأصحاب هذه الشبهة. ودليل ذلك أنّها هزمت ، وأسرت ، وأخرقت ، ولو أنّها كانت صاحبة معجزة
__________________
(١) الزرقاني ـ مناهل العرفان. ج ١ ص ٧٧.