تفنيد هذه الشبهة :
أولا : فبالنسبة للراهب النصراني «بحيرا» : فيكفينا الرد بالقول : بأن الرسول «صلىاللهعليهوآلهوسلم» لم يقابله إلا مرة واحدة في حياته ، وعمره اثنتا عشرة سنة ، ومع عمه أبي طالب عند ما صحبه في تجارة له إلى بصرى في بلاد الشام ؛ وكان ذلك في فترة قصيرة جدا يستحيل معها أن يأخذ منه ما نسب إليه من علم ، ومن الثابت يقينا أنّه لم يأخذ عنه شيئا من العلوم ، فضلا عن أنّ «بحيرا» عاجز في عقله ، وعلمه عن الإحاطة بأقل القليل من العلوم التي جاء بها القرآن ؛ وكل ما هنالك ، وتؤيده الروايات أن الراهب بحيرا تنبأ للرسول «صلىاللهعليهوآلهوسلم» بالشأن العظيم ، وهي النبوة التي شاهد أماراتها فيه. حيث قال «بحيرا» لأبي طالب : إنّ هذا الغلام سيكون له شأن عظيم ، وحذره من يهود. وهذه القصة حجة للرسول «صلىاللهعليهوآلهوسلم» في نبوته ، وليست حجة عليه ؛ وإنما هي حجة على من افتراها بأنّ الرسول «صلىاللهعليهوآلهوسلم» أخذ القرآن من بحيرا.
ثانيا : وأمّا بالنسبة للغلام الرومي ، فيكفينا الرد بالقول : بأنّه كان أعجميا ، وغير ملم بالعربية ، وكان حدادا في مكة ، وليس له شأن بعلم العربية ، أو تعلمها ، فكيف يقبل العقل ادعاءهم بأنّ الرسول «صلىاللهعليهوآلهوسلم» تعلم القرآن منه؟!! وقد فنّد القرآن مزاعمهم ، وادعاءاتهم بقوله تعالى : (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) سورة النحل آية ١٠٣.
ثالثا : وأما بالنسبة للناسك المكي ورقة بن نوفل : فيكفينا الرد بالقول : بأنّ الرسول «صلىاللهعليهوآلهوسلم» لم تكن له العلاقة الوثيقة بذلك الناسك ، ولم يقابله إلّا بعد نزول الوحي عليه ، حيث صحبته خديجة إليه ، فشهد له ورقة بدلا من أن يعلمه ، فقال ورقة : هذا هو الناموس الذي أنزله الله على موسى ؛ ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك. قال : أو مخرجي هم؟! قال : نعم! لم يأت أحد قط بمثل ما جئت به إلا أوذي ، وإن يدركني