الإسلام ، وكان أعظم فتنة من مسيلمة على بني حنيفة ، إذ شهد أنّه سمع الرسول «صلىاللهعليهوآلهوسلم» يقول : إن مسيلمة قد أشرك معه ، فصدقوه. وكان لا يقول شيئا إلا تابعه مسيلمة ؛ وكان يستعين به على التعرف على أحوال الرسول «صلىاللهعليهوآلهوسلم». فكان الرّجال شريكا لمسيلمة في الارتداد عن الإسلام ، وشريكا له في النار بإذن الله ضرسه كجبل أحد في النار بل وأعظم.
عن أبي هريرة «رضي الله» عنه قال : «جلست مع النبي «صلىاللهعليهوآلهوسلم» في رهط معنا الرّجال بن عنفوة ، فقال : إن فيكم رجلا ضرسه في النار أعظم من أحد ؛ فهلك القوم ، وبقيت أنا والرجال ، فكنت متخوّفا لها حتى خرج الرجال مع مسيلمة ، فشهد له بالنبوة» (١). وقد قتل الرّجال مع مسيلمة في حرب المرتدين في اليمامة.
وقد زعم مسيلمة أنّ له قرآنا يوحى إليه عن طريق ملك يسمى رحمن. وكان قرآنه فصولا ، وجملا يترسل به في أمر أو حادثة تعرض له ، فكان أقرب إلى سجع الكهان ، وكان يقلد بكلامه أوزان ، وتراكيب القرآن.
أمثلة على أقوال مسيلمة الكذاب قوله :
«الفيل ما الفيل ، وما أدراك ما الفيل ، له ذنب وبيل ، وخرطوم طويل». وقوله : «الشاة وألوانها ، وأعجبها السود وألبانها ، والشاة السوداء ، واللبن الأبيض ، إنه لعجب محض ، وقد حرم المذق فما لكم لا تمجعون».
وقوله : «يا ضفدع بنت ضفدعين ، نقي ما تنقين ، نصفك في الماء ، ونصفك في الطين ، لا الماء تكدّرين ، ولا الشارب تمنعين». وقوله : «والمبذرات زرعا ، والحاصدات حصدا ، والذاريات قمحا ، والطاحنات طحنا ، والعاجنات عجنا ، والخابزات خبزا ، والثاردات ثردا ، واللاقمات
__________________
(١) مصطفى صادق الرافعي : كتاب : إعجاز القرآن ـ ص ١٧٥.