السفن الملكية إلى البحر ، وخرج «هرقل» في طريقه ليستقل إحدى هذه السفن إلى منفاه الاختياري.
وفي هذه الساعة الحرجة تحايل كبير أساقفة الروم باسم الدين والمسيح ، ونجح في إقناع «هرقل» بالبقاء ، وذهب «هرقل» مع الأسقف إلى قربان «سانت صوفيا» يعاهد الله تعالى على أنه لن يعيش أو يموت إلا مع الشعب الذي اختاره الله له.
وبإشارة من الجنرال الإيراني سين (Sain) أرسل «هرقل» سفيرا إلى «كسرى» طالبا منه الصلح ، ولكن لم يكد القاصد الرومي يصل إلى القصر ، حتى صاح «كسرى» في غضب شديد : «لا أريد هذا القاصد! وإنما أريد «هرقل» مكبلا بالأغلال تحت عرشي ، ولن أصالح «الرومي» حتى يهجر إلهه ، الصليبي ، ويعبد الشمس إلهتنا» (١).
وبعد مضي ستة أعوام على الحرب ، رضي الإمبراطور الفارسي أن يصالح هرقل على شروط معينة هي أن يدفع ملك الروم «ألف تالنت (٢) من الذهب ، وألف تالنت من الفضة ، وألف ثوب (٣) من الحرير ، وألف جواد ، وألف فتاة عذراء».
ويصف «جبن» هذه الشروط بأنها «مخزية» دون شك ، وكان من الممكن أن يقبلها «هرقل» ، لو لا المدة القصيرة التي أتيحت له لدفعها من المملكة المنهوبة ، والمحدودة الأرجاء ، ولذلك آثر أن يستعمل هذه الثورة كمحاولة أخيرة ، ضد أعدائه.
* * *
وبينما سيطرت على العاصمتين الفارسية ، والرومية هذه الأحداث ،
__________________
(١) (ص ـ ٧٦ ـ ج ٥.)
(٢) Talent ، ميزان يوناني قديم ، حوالي ستة وعشرين كيلوجراما ، لدى الأثينيين ، وقد يطلق على كمية النقود الذهبية أو الفضية التي تزنه.
(٣) الثوب : ثلاثون مترا من القماش تقريبا.