على كل الوسائل : والأحوال ، ومن بيده قلوب الناس ، وأقدارهم ؛ ولم يكد جبريل يبشر النبي بهذه البشرى ، حتى أخذ انقلاب يظهر على شاشة الإمبراطورية الرومانية!!.
ويرويه «جبن» على النحو التالي :
«إنها من أبرز البطولات التاريخية ، تلك التي نراها في «هرقل». فقد ظهر هذا الإمبراطور غاية في الكسل ، والتمتع بالملذات ، وعبادة الأوهام في السنين الأولى ، والأخيرة من حكومته ؛ كان يبدو كما لو كان متفرجا أبله ، استسلم لمصائب شعبه ؛ ولكن الضباب الذي يسود السماء ساعتي الصباح ، والمساء ، يغيب حينا من الوقت لشدة شمس الظهيرة ، وهذا هو ما حدث بالنسبة إلى هرقل ، فقد تحول «أرقاديوس (١) القصور» إلى «قيصر ميدان الحرب (٢)» فجأة ، واستطاع أن يستعيد مجد الروم خلال ست حروب شجاعة شنها ضد الفرس. وكان من واجب المؤرخين الروم أن يزيحوا الستار عن الحقيقة ؛ تبيانا لأسرار هذه اليقظة ، والنوم. وبعد هذه القرون التي مضت يمكننا الحكم بأنه لم تكن هناك دوافع سياسية وراء هذه البطولة ، بل كانت نتيجة غريزة هرقل الذاتية ، فقد انقطع عن كافة الملذات ، حتى أنه هجر ابنة أخته «مارتينا» ـ التي تزوجها لشدة هيامه بها ، رغم أنها كانت محرمة عليه» (٣).
* * *
هرقل ـ ذلك الغافل الفاقد العزيمة ـ وضع خطة عظيمة لقهر الفرس ، وبدأ في تجهيز العدة ، والعتاد ؛ ولكن رغم ذلك كله ، عند ما خرج هرقل مع جنوده ، بدا لكثيرين من سكان «القسطنطينية» أنهم يرون آخر جيش في تاريخ الإمبراطورية البيزنطية.
__________________
(١) أرقاديوس (٣٧٧ ـ ٤٠٨ م) ، أحد أباطرة الرومان ، وهو الابن الأكبر لتيودوس الأول ، تولى العرش سنة ٣٩٥ م. واشتهر بالجبن ـ المراجع.
(٢) قيصر أو «سيراز» (١٤٤ ـ ١٠١ ق. م.) قائد وسياسي روسي عظيم.
(٣) ص ـ ٧٦ ـ ٧٧ ، المجلد الخامس.