الملكي ، وتولى تسعة ملوك زمام الحكم في غضون أربعة أعوام. ولم يكن من الممكن ، أو المعقول في هذه الأحوال السيئة ، أن يواصل الفرس حربهم ضد الروم .. فأرسل «قباد الثاني» ابن كسرى أبرويز الثاني يرجو الصلح ، وأعلن تنازله عن الأراضي الرومية ، كما أعاد الصليب المقدس ؛ ورجع «هرقل» إلى عاصمته «القسطنطينية» في مارس عام ٦٢٨ م ، في احتفال رائع ، حيث كان يجر مركبته أربعة أفيال ، واستقبله آلاف مؤلفة من الجماهير ، خارج العاصمة ، وفي أيديهم المشاعل ، وأغصان الزيتون (١)!!
وهكذا صدق ما تنبأ به القرآن الكريم عن غلبة الروم في مدته المقررة ، أي في أقل من عشر سنين ، كما هو المراد في لغة العرب من كلمة : «بضع»!.
وقد أبدى «جبن» حيرته ، وإعجابه بهذه النبوءة ؛ ولكنه كي يقلل من أهميتها ربطها برسالة النبي «صلىاللهعليهوآلهوسلم» إلى «كسرى».
يقول جبن :
«وعند ما أتم الإمبراطور الفارسي نصره على الروم ، وصلته رسالة من مواطن خامل الذكر من «مكة» ، دعاه إلى الإيمان بمحمد ، رسول الله ، ولكنه رفض هذه الدعوة ، ومزق الرسالة. وعند ما بلغ هذا الخبر رسول العرب ، قال : سوف يمزق الله دولته تمزيقا ، وسوف يقضي على قوته».
«ومحمد ، الذي جلس في الشرق على حاشية الإمبراطوريتين العظيمتين ، طار فرحا ، مما سمع عن تصارع الإمبراطوريتين وقتالهما ؛ وجرؤ في إبّان الفتوحات الفارسية وبلوغها القمة أن يتنبأ بأن الغلبة تكون لراية الروم بعد بضع سنين. وفي ذلك الوقت ، حين ساق الرجل هذه
__________________
(١) جبن : ص ـ ٩٤ ، ج ـ ٥.