الإلهية ، والأدبية ، فإذا صرفنا النظر عن فائدته التاريخية ، وعن حكمه لنا في المسائل الثلاث الخلافية ، وهي : التوحيد ، وعدم صلب المسيح ، ونبوة محمد «صلىاللهعليهوآلهوسلم» ، فحسبنا باعثا على طبعه وراء قيمته التاريخية ما فيه من المواعظ ، والحكم ، والآداب ، وأحاسن التعاليم» (١).
وقد أقرّ العلماء ، والقساوسة ، ورجال الدين المسيحيون في أوروبا أن الأناجيل المكتوبة في القرون الأولى للمسيح «عليهالسلام» عديدة ، وأهمها أربعة : إنجيل متى ، وإنجيل مرقص ، وإنجيل لوقا ، وإنجيل يوحنا. وهي المعتمدة عندهم. وقرر نقاد المسيحية أن عقائد هذه الأناجيل الأربعة هي من وضع ، ورأي القديس بولس. وبينوا أنهم يجهلون زمن كتابتها ، وبأي لغة كتبت .. يقول «إيفار لستر». «إن الأناجيل كتبت باللغة الإغريقية في القرنين الرابع ، والخامس ، ومنهم من جعل أصول تعاليمها مأخوذة من الأديان الوثنية» (٢).
ثانيا : إن القرآن الكريم مصدق ، ومهيمن ، وشاهد على الكتب السماوية الأخرى : وهكذا نزل القرآن الكريم مصدقا للكتب السماوية السابقة ، وقبل تحريفها. وكيف يقارن بها ، وهو مهيمن عليها ، وحاكما عليها ، وهو آخرها ، وأعظمها ، وأسماها. مصداق قوله تعالى : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِ) سورة المائدة آية ٤٨.
قال الزمخشري في الكشاف : «أي رقيبا على سائر الكتب ؛ لأنه يشهد لها بالصحة ، والثبات» (٣). وهذا قبل تحريفها. وقال ابن كثير : «اسم المهيمن يتضمن ذلك ؛ فهو أمين ، وشاهد ، وحاكم على كل كتاب قبله ، جمع الله فيه محاسن ما قبله ، وزاده من الكمالات ما ليس في
__________________
(١) محمد رشيد رضا. إنجيل برنابا ـ الترجمة العربية. ص ١٣٢٦ ه.
(٢) دكتور يوسف شويحات : العودة إلى النصرانية. ص ٥.
(٣) الزمخشري ـ الكشاف ـ ج ١ ص ٤٩٧.