غيره» (١). وهكذا جاء القرآن مبينا لليهود ، والنصارى كثيرا مما كانوا يخفونه في كتبهم : كنبوّة الرسول «صلىاللهعليهوآلهوسلم» ، وآية الرجم ، وقصة أصحاب الكهف ، وقصة الذين مسخوا قردة ، وخنازير. مصداق قوله تعالى : (يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) سورة المائدة آية ١٥. وجاءهم نور ، وكتاب مبين. مصداق قوله تعالى : (قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ) سورة المائدة آية ١٥. أي مزيل لظلمات الشرك ، والشك ، وهو كتاب مبين ظاهر الإعجاز. قال في التسهيل : «والآية دليل على صحة نبوة الرسول «صلىاللهعليهوآلهوسلم» ؛ لأنّه بيّن ما أخفوه في كتبهم ، وهو أمي لم يقرأ كتبهم» (٢). وهكذا نزل القرآن هاديا لكل من اتبعه ، وصدق به ، وبنبوّة صاحبه محمد «صلىاللهعليهوآلهوسلم» ، مصداق قوله تعالى : (يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ) سورة المائدة آية ١٦. أي يهديهم الله طريق النجاة ، والسلامة ، ومناهج الاستقامة. وهكذا جاء القرآن الكريم يبين لليهود ، والنصارى شرائع الدين على فترة من انقطاع الرسل حيث كانت الفترة بين عيسى «عليهالسلام» ومحمد «عليه الصلاة والسلام» خمسمائة وستون عاما ، وذلك حتى لا يكون لهم على الله حجة إن لم يسلموا ، ويؤمنوا بالقرآن. مصداق قوله تعالى : (يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) سورة المائدة آية ١٩.
قال ابن جرير : «أي قادر على عقاب من عصاه ، وثواب من أطاعه» (٣).
__________________
(١) ابن كثير ـ المختصر ـ ج ١ ـ ص ٥٢٤.
(٢) ابن جزي ـ التسهيل لعلوم التنزيل ص ١٧٢ ، ومحمد علي الصابوني ـ صفوة التفاسير. ج ١ ص ٣٣٤.
(٣) محمد علي الصابوني ـ صفوة التفاسير ـ ج ١ ص ٣٣٦.