وهم يتشبّثون بهذه ، وبمثل هذه الافتراءات ، ودون أي دليل عقلاني علمي ، أو تاريخي ، أو نقلي ؛ وذلك كفرا من عند أنفسهم ، وبهتانا عظيما ؛ وحيث صدق فيهم قول ربنا دليلا إلهيا نقليا ، ولا دليل لهم. (وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً) سورة النساء آية ١٥٦. وقوله تعالى : (وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا) سورة البقرة آية ١٠٢. وأما تحريف الإنجيل ، فيصدق عليه قوله تعالى : (وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ) سورة المائدة آية ١٤.
وقوله تعالى : (يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) سورة المائدة آية ١٥.
وقد أشار دكتور موريس بوكاي الفرنسي في كتابه : «القرآن ، والتوراة ، والإنجيل ، والعلم. دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة» إلى التناقضات العجيبة في الأناجيل الأربعة بقوله : «فخيالات متى ، والمتناقضات الصارخة بين الأناجيل ، والأمور غير المعقولة ، وعدم التوافق بين معطيات العلم الحديث ، والتحريفات المتوالية للنصوص ، كلّ هذا يجعل الأناجيل تحتوي على إصحاحات ، وفقرات تنبع من خيال الإنسان وحده. لكن هذه العيوب لا تضع في موضع الشك وجود رسالة المسيح ؛ فالشكوك تخيم على الكيفية التي جرت بها» (١).
وقد أضاف هذا الطبيب الفرنسي موريس بوكاي : «بهذا يتضح ضخامة إضافة الإنسان إلى العهد القديم ... والتحولات التي أصابت نص العهد القديم الأوّل من نقل إلى آخر ، ومن ترجمة إلى أخرى ، وبكل ما ينجم حقا عن ذلك من تصحيحات جاءت على أكثر من ألفي عام» (٢).
__________________
(١) دكتور موريس بوكاي : كتاب : القرآن ، والتوراة ، والإنجيل ، والعلم ، ص. ١٣١.
(٢) دكتور موريس بوكاي. المرجع السابق نفسه ص ١٩.