ثم قال : «في سفر التكوين توجد أكثر التناقضات وضوحا مع العلم الحديث. وتخصّ هذه التناقضات ثلاث نقاط جوهرية :
١ ـ تاريخ خلق العالم ، وتاريخ ظهور الإنسان على الأرض ـ ٢ ـ خلق العالم ومراحله ، ـ ٣ ـ رواية الطوفان» (١).
وقد قاده حياده العلمي إلى الاعتراف بصحة القرآن ، وسلامته من التحريف ، فذكر في نهاية كتابه : «لذلك فمن المشروع تماما أن ينظر إلى القرآن على أنّه تعبير الوحي من الله ، وأن تعطى له مكانة خاصة جدا ، حيث إن صحته أمر لا يمكن الشك فيه ؛ وحيث إن احتواءه على المعطيات العلمية المدروسة في عصرنا تبدو كأنّها تتحدى أي تفسير وضعي ؛ عقيمة حقا المحاولات التي تسعى لإيجاد تفسير للقرآن بالاعتماد فقط على الاعتبارات المادية» (٢). وعملا بقاعدة : الإقرار حجة على المقر ، فقد أورد حاخام باريس «أجوليان ويل» في كتابه : اليهودية ، ما يفيد بأن شهادات كل علماء الغرب تؤكد أن التوراة الموجودة الآن قد كتبها أحبار اليهود ؛ ومنها ما كتب أيام المملكة الإسرائيلية ؛ ومنها ما كتب في المنفى بين النهرين ؛ ومنها ما كتب قبل الميلاد بنحو ثلاثة قرون (٣).
ولنا التساؤل في هذا المقام : أبعد هذا التحريف في ، ولكتبهم المقدسة ، هل يجوز لنا أن نطمئن على شبهاتهم حول قرآننا الكريم ، وهم الذين أحاطوا كتبهم بكل شبهات التحريف؟! ومن ثم أنى ، وكيف يتسنى لهم أن يصدقوا في شبهاتهم؟! وأنّى ، وكيف يتسنى لنا أن نطمع فيهم ، وفيمن والاهم من أئمة العلمانية ، وكفارها ؛ وأن نطمع في أن
__________________
(١) دكتور موريس بوكاي. المرجع نفسه ـ ص ٤٠.
(٢) دكتور موريس بوكاي. المرجع نفسه. ص ١٤ ـ ٥٦ ـ ١١٧ ـ ١٤٢ ـ ٢٨٤ ـ ٢٨٦ سنة ١٩٧٨ م.
(٣) مجلة رابطة العالم الإسلامي. العدد السابع ، السنة الرابعة عشرة. يوليو سنة ١٩٧٦ م ، ص ٣٠.