أسرار ، ولا هوت ، وسياسة ؛ بينما النصرانية ديانة أخلاق ، ومبادئ ؛ فالمسيحية ديانة الغرب ، والنصرانية ديانة عربية». يؤيد قوله ما ورد في الموسوعة الكاثوليكية من أن آريوس ليبي المولد كان يدافع عن عقيدة قائمة هي النصرانية الخالية من التحامل الفكري الحاذق ، والفلسفة الجدلية البيزنطية التي سموها المسيحية بقصد القضاء على النصرانية. وهو يستند في هذا إلى ما كتبه «فيشر» عن تاريخ أوروبا في العصور الوسطى ، وإلى ما كتبه سليم واكيم عن تاريخ إيران في الحضارة (١).
سادسا : إن القرآن الكريم كتاب غير متناقض. يتصف بثبات العقائد ، والشرائع ، وصحة الإعجاز. فحقائقه ثابتة ناصعة لا تتعارض مع العلم ، وحقائقه. وما ثبتت قطعيته من العلم ، فهو قطعي في القرآن الكريم. وحقائق الكون في الآفاق ، وحقائق النفس في الأجسام كلها تتناسب مع كلام الله ، وهي مخلوقاته. وكل ما أخبر به القرآن عنها ، وما يكتشف من حقائقها تتلاءم مع ما أخبر الله به عنها. فلا تناقض البتة بين كلام الله وهو القرآن ، وبين عمل الله ، وهي المخلوقات. وكلام الله ، وعمله لا يتناقضان أبدا. وكل ما جاءت به الحقائق العلمية يصدق ما جاء به ، وأخبر به القرآن سواء فيما يتعلق بحقائق الكون في الآفاق ، أو في الأنفس. مصداق قوله تعالى : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ). سورة فصلت آية ٥٣.
ولنا القول : بأنّ كتابا ربانيا سماويا يصدق بعضه بعضا ، وتصدق حقائقه حقائق الخلق في الكون ، والنفس ، ويحمل في ثنايا دلالاته ومفاهيمه ، ومعانيه ، ومعالمه ، وآياته سمو خلوده ، ومعالم صدقه ، وشواهد كماله ، وصدق حقائقه ، فهو جدير ، بل وأكثر جدارة من غيره من الكتب حتى السماوية منها أن يحيط بكل معالم ، ومظاهر الحياة
__________________
(١) عبد الحميد السائح : المرجع نفسه ـ ص ٢٤٨.