ومن هنا تأتي علاقتها وعلاقة السياسة بالدين في نهج الإسلام ... إنّها واجب مدني اقتضاه ويقتضيه «الواجب الديني» الذي فرضه الله على المؤمنين بالإسلام» (١).
ثانيا : إن إقامة الدولة الإسلامية أمر ضروري ، وواجب شرعا وعقلا ، وإن لم يذكرها القرآن كركن أو أصل من أصول الإسلام. فالدولة الإسلامية واجب أمرها شرعا ، أو عقلا.
وهذه حقيقة متفق عليها من قبل أئمة المسلمين ، وإن خالفهم القلة منهم : كأبي بكر الأصم من المعتزلة ٢٧٩ ه ـ ٨٩٢ م ، والنجدات أتباع نجدة بن عامر الحنفي ٣٦ ه ـ ٥٩ ه ـ ٦٥٦ ٦٨٨ م من الخوارج. وكما يقول الجاحظ مبررا قيامها : «اتفاق المسلمين على ضرورة الدولة ، ووجوبها شرعا أو عقلا ؛ أو للاعتبارين ؛ لأن الناس يتظالمون فيما بينهم بالشره ، والحرص المركب في أخلاقهم ؛ فلذلك احتاجوا إلى الحكام» (٢).
وكما يقول الإمام الماوردي : «ولأن الإنسان مطبوع على الافتقار إلى جنسه ، واستعانته صفة لازمة لطبعه ، وخلقة قائمة في جوهره» (٣).
وكما يقول أيضا : «ولأن صلاح الدنيا معتبر من وجهين : أوّلها : ما ينتظم به أمور جملتها. والثاني : ما يصلح به حال كل واحد من أهلها» (٤).
ولذلك فإن لم تكن الدولة ركنا من أركان الدين ، أو أصلا من أصوله ، فإن هذا لا يعني أنها غير ضرورية ، أو أنّ إقامتها ليس ضروريا.
__________________
(١) شيخ الإسلام ابن تيمية : كتاب : منهاج السنة النبوية ـ ج ١ ص ٧٠ وما بعدها ، القاهرة ـ سنة ١٩٦٢ م.
(٢) الجاحظ ج ١ ص ١٦١. تحقيق عبد السلام هارون ـ القاهرة. ١٩٦٤.
(٣) الماوردي ـ أدب الدين والدنيا ـ ص ١٣٢ وص ١٣٤ تحقيق مصطفى السقا. القاهرة ـ سنة ١٩٧٣ م.
(٤) الماوردي ـ أدب الدين والدنيا ـ ص ١٣٢ وص ١٣٤. تحقيق مصطفى السقا. القاهرة ـ سنة ١٩٧٣ م.