الشبهة الثالثة :
فصل القرآن عن السياسة ـ أي فصل الدين عن السياسة
وحجتهم في ذلك : أن القرآن ، والدين الإسلامي روحيان ، ولا علاقة لهما بالسياسة قياسا على الديانتين : اليهودية ، والمسيحية.
تفنيد هذه الشبهة :
أولا : إن الديانة الإسلامية إلهية سماوية بينما الديانات الأخرى كاليهودية ، والمسيحية ، والبوذية ، والهندوسية ، وغيرها ، ديانات غير إلهية ، وغير سماوية ؛ وإنما هي ديانات وضعية بشرية. وبذلك تنتفي أوجه المقارنة بينها ، وبين الديانة الإسلامية. وإذا جاز فصل مثل هذه الديانات عن الدولة أو عن السياسة ، فهذا لا يصح ، ولا يجوز مطلقا بالنسبة للديانة الإسلامية. فكونها ديانة إلهية سماوية فهي تحكم ، وتنظم شئون الناس والدول ، شئون الدين ، والدنيا ، لا فرق بالنسبة للأمر سواء كان يتعلق بالأفراد أو الدول. ولعل منبع الخطأ في مستند هذه الشبهة ـ شبهة فصل الدين عن السياسة ـ يكمن أساسا في محاولة المساواة بين اليهود ، والمسيحية ، وبين الإسلام من حيث المصدرية ، والألوهية. فإنه لم تثبت معالم الألوهية ، والشواهد السماوية لكلتا الديانتين. فمن الثابت ، وبالأدلة القطعية ، أنّه لم تنزل ديانة إلهية من السماء يهودية صحيحة ثم حرفت ، أو ديانة مسيحية سماوية صحيحة ثم حرفت. وإنما نزل دين واحد بعقيدة واحدة ، وهو دين الإسلام ، وعلى جميع الأنبياء ، والرسل ، وفي جميع الكتب السماوية. فالدين الذي نزل على موسى هو الإسلام ، فحرفه قومه بنو إسرائيل ، وسموه بالدين اليهودي نسبة إلى إلههم يهوه أو يهوذا. والدين الذي نزل على عيسى هو الإسلام فحرفه قومه ، وسموه بالدين المسيحي نسبة إلى إلههم المسيح. ولذلك فإن اصطلاح الديانات السماوية الثلاث خاطئ ، ويكون شبهة قائمة في حد ذاتها. وكذلك فإن تعدد الكتب السماوية لا يعني تعدد الدين .. ولذلك