دنيوي ، يحكمها في كل ذلك مبدأ السواسية بين الناس لا فرق بين حاكم ومحكوم ، وغني ، وفقير ؛ وقوي ، وضعيف ، مصداق قوله «صلىاللهعليهوآلهوسلم» : «الناس سواسية كأسنان المشط» رواه البزّار في مسنده عن أنس بن مالك. وكذلك تقتضي عمومية العدالة في الإسلام إقامة صلاح التوازن في ، وبين أولويات الإشباع للمصالح ، والمقاصد بدءا بالضرورات ثم الحاجيات ، ثم الكماليات. وهكذا تستقيم الحياة بهذه العدالة ، وهكذا ساد الوئام بين العلاقات في المجتمعات الإسلامية ، وازدهرت نظم الحياة ، ومستويات المعيشة بين الأفراد طيلة عهود الدولة الإسلامية ؛ والذي أساس كل هذا التطبيق الكلي لمبادئ الديانة الإسلامية ، والعمل الكلي لقواعد الشريعة الإسلامية ، والتنفيذ الكلي لمعالم العدالة الحقة لمعالم النظام الإسلامي. ولنا التساؤل في هذا المقام : إذا كانت أنماط الحياة السعيدة ، والرتبية يتعلق تحققها دائما بتطبيق معالم العدالة للشريعة الإسلامية فكيف يتسنى ، وكيف سيكون الحال لو تخلينا عن مثل هذه العدالة ، وفصلنا عدالة الدين عن وجوب تحقيق عدالة الدنيا أي فصلنا الدين عن الدولة؟!! ونحن نجيب بدورنا عن مثل هذا التساؤل : لو تم ذلك لخسرنا كل ذلك ، ولفقدنا كل شيء. ولا يبقى لنا شيء. وبالتالي نحكم بالقطع أن الفصل بين الدين ، والدولة لا يصلح لنا ، ولو أنه يصلح لهم. بل هو الصالح لهم. فتعاليم الكنيسة طيلة عهودها إنما تعني في أذهان ـ حتى معتنقيها ـ الظلم ، والاضطهاد ، والاستغلال ، والتعذيب ، والقتل ، والغصب ، والحرق ، بعيدا عن جميع شواهد ومظاهر الإنسانية. وحيث تحولت الكنيسة بعد سقوط روما إلى نظام رسمي تحالف فيه البابا كبير الدين مع الملك كبير الظلم على ظلم الناس في جميع شئونهم السياسية ، والاقتصادية ، والاجتماعية ؛ وحرمت عليهم العمل ، والعلم ، والتجارة ؛ وبحجة تطبيق تعاليم المسيح ، والمسيح منهم براء. ونسب إليه «جيروم» القول : بأن الغني ظالم ، أو وارث لظالم. وهكذا حورب العلم ، وأحرق العلماء أحياء ، وأحرقت وأتلفت الكتب جهارا. وهكذا ساد التسيب الكنسي حياة المجتمعات الأوروبية طيلة قرون عديدة.