وعند ما شعر الناس بالظلم ثاروا ، وأشعلوا الثورات ، وكان شعارهم كما حصل بالنسبة للثورة الفرنسية سنة ١٧٨٩ م : «اشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس».
وهذا حال الديانة المسيحية ، فكيف لا يستقيم الحال بالنسبة لها إذا فصلت الديانة عن السياسة ، وأبعدت الكنيسة عن السياسة؟!! فهذا هو اللائق بالنسبة لهم. وإبعاد ظلم الدين الكهنوتي عن التدخل في شئون الدولة أو حكم الأفراد هو الأقرب إلى العدالة. وبفصل الدين عن السياسة يربح الناس ، ويجنون ثمرات هذا الفصل ، وهو الحصول على حرياتهم ، وحقوقهم ، فليس هناك شيء يخسرونه ، وتطبيقا لقاعدة : الإقرار حجة على المقر ، وعملا بحكمة : من فمه أدينه ، فلنسمع إلى شاهد منهم هو «امري ريفر» حيث يتناول تسيّب المسيحية ، وفشلها في حكم الأفراد والدول في كتابه : «تحليل السلام» فهو يقول : «إن القتل الواسع النطاق ، والتعذيب ، والاضطهاد ، والضغوط التي شهدناها في منتصف القرن العشرين لأدلة قاطعة على الإفلاس الكامل للمسيحية كوسيلة لترويض الانفعالات الإنسانية الغريزية ؛ ولتحويل الإنسان من حيوان إلى مخلوق اجتماعي معقول. وإن بعث البربرية ، والاستعمال المطلق للقتل الجماعي في العالم بأسره لا يمكن اعتباره كعمل لقلة من الأفراد الذين لا يؤمنون بالله أصابهم مرض التلذذ بالتعذيب «الساديزم» أو جماعة من المتعصبين للشنتوية اليابانية : لقد قتل ملايين من الأبرياء دون أن تهتز شعرة في جسم من قتلوهم. كما نهب عشرات الملايين من البشر ، وجردوا مما يملكون ، ونفوا عن بلادهم ، واستعبدوا. وقد لقوا هذا المصير على أيدي مسيحيين انحدروا من أصلاب أسر مسيحية انتسبت منذ قرون إلى الكنيسة الرومانية الكاثوليكية ، أو إلى الكنيسة الشرقية البروتستانتية. ولقد ارتكبت فظاعات ، ومآس مفزعة ، ومجردة من كل مظهر إنساني ، لا على يد ألمان ويابانيين فحسب بل على أيدي إسبان ، وطليان ، وبولنديين ، ورومانيين ، ومجريين ، وفرنسيين ، وضرب ، وكروات ، وروس. ولقد أغمضت كل المجتمعات المسيحية ـ على