الأمر في هذه الأحاديث لم يرد لتقييد الواجب في إخراج الزكاة بالعين ، فجاز إخراجها نقدا ، أو عينا.
وممّا يؤكد ذلك ما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه : «انّه كان يأخذ العروض في الصدقة من الدراهم» رواه سعيد بن منصور في سننه عن عطاء.
وما روي عن معاذ بن جبل رضي الله عنه : «أنّه قال لأهل اليمن ائتوني بعرض ثياب آخذه منكم مكان الذرة ، والشّعير» (١) رواه البيهقي والبخاري عن طاوس.
ومن هنا نلاحظ أنّ فرضية الزكاة تسمو على فرضية الضريبة في جمعها للنقدية والعينيّة ؛ استنادا إلى عمومية النصوص الشرعية القرآنية والنبوية في الفرضية للزكاة دون تقييد أو تخصيص في الإخراج بالنقد أو بالعين.
ثانيا : الفرضية العمومية الحكومية للضريبة والزكاة :
فالضريبة تفرضها ، وتقتطعها الدولة الوضعية ، أو من ينوب عنها من هيئات عامة ، أو أفراد عموميين : كالوزارات ، والدوائر ، والمجالس المحلية أو الولاة ، أو الوزراء ، أو رؤساء الدوائر ، والأقسام.
والدولة في النظام الوضعي هي دولة الحزب الواحد في النظام الاشتراكي أو الحرب الفائز في النظام الرأسمالي. فالدولة التي تفرض الضريبة هي دولة العقل البشري المحدود في الإنشاء ، والتكوين ، وهي دولة العقد الاجتماعي في التأسيس. فهي بالتالي ، وبمثل هذه المفاهيم الوضعية في النشوء والتكون دولة القهر ، والتسلط ؛ وما الضريبة إلّا من نتاج هذه المفاهيم فتحمل في طياتها شواهد الظلم ، والابتزاز للأفراد ، وتحت شعار الوطنية أو الديمقراطية أو المساواة أمام القانون بين الأفراد.
__________________
(١) أنظر : دكتور يوسف القرضاوي لكتاب : فقه الزكاة ، ح ٢ ص ٧٩٩.