رابعا : الفرضية النهائية للضريبة والزكاة :
فالضريبة تكون فرضيتها نهائية ، بمعنى أنّها لا تسترد ، ولا يحق للأفراد المطالبة باستردادها في حالة إذا لم تتحقق المصلحة الإنفاقية لها. فنهائية الضريبة تحمل في طياتها معاني التسلط ، والظلم ، وخاصة أنّها قد تصدر بناء على قوانين هي في الغالب تخدم مصلحة الحكومة أو الحزب الحاكم أكثر ممّا تخدم الأفراد. وكثيرا ما تصدر بناء على مراسيم جمهورية أو ملكية ، وليس بناء على قوانين ، وكذلك فقد لا يكون هناك منافع تقابلها يحصل عليها الأفراد ، وفي هذا مخالفة لشروط العقد الاجتماعي الذي قامت على أساسه الدولة الوضعية : اشتراكية كانت أم رأسمالية. وفي حالات كثيرة أيضا قد تؤخذ من الأفراد المعوزين الفقراء دون مراعاة لأحوالهم المادية أو الاجتماعية كما هو الحال بالنسبة للضرائب غير المباشرة التي تفرض على السلع المنتجة أو المستوردة ، حيث تضاف الضريبة إلى أثمانها فيدفعها المستهلكون بطريقة غير مباشرة ، وبالتالي لا يحق لهم استردادها ، وتبقى بالنسبة إليهم ضريبة نهائية مجحفة.
أمّا بالنسبة للزكاة : ففرضيتها أيضا نهائية ، ولكنّها لا تحمل في طياتها معاني التسلط ، والظلم ؛ لأنّ المكلّف الدافع لها لا ينتظر أي مقابل مادي أو نفع دنيوي ؛ وإنّما حافزه على دفعها الثواب ، والغفران الإلهي ؛ وبالتالي فهو يقبل على دفعها بنفس طيّبة ، وروح متسامحة ؛ وهي بالتالي لا تثير صفتها النهائية بالنسبة له أية إشكالات ، بل لا يفكر مطلقا في استردادها ، فالحكمة من فرضية الزكاة تؤصلها الرحمة الربانية ، وقد تكون خافية بالنسبة للمزكّي ، وهو بالتالي لا يكون بحاجة إلى المطالبة باستردادها حتى ولو تحوّل من الغنى إلى الفقر ؛ لأنّه في هذه الحالة يصبح من فئة الأفراد الذين تدفع لهم الزكاة بعد أن كانت تحصّل منه.
خامسا : فرضية انتفاء النفع المقابل للضريبة والزكاة :
فالضريبة تقتضي عدم وجود نفع أو اشتراط نفع كمقابل يحصل