سادسا : فرضية المقدرة التكليفية للضريبة والزكاة :
فالضريبة يدفعها الأفراد المكلّفون طبقا لقدراتهم التكليفية ؛ باعتبار أنّ الأفراد متساوون أمام القانون ، وكلّ يساهم حسب مقدرته.
وفي الحقيقة أنّ التساوي بين الأفراد ، والدفع حسب القدرات التكليفية هو أمر شكلي بالنسبة للضريبة ، وذلك لأسباب منها :
أ ـ أنّ التساوي في القدرات التكليفية للمواطنين يتنافى تماما مع النظام الوضعي لهياكل الضرائب حيث يراعى فيها مصلحة الأفراد المحسوبين على الحزب الحاكم ، وبالتالي قد يتهرب هؤلاء من دفع الضريبة ، أو لا يبلّغون عن قدراتهم الحقيقة. فيكون المتهرب من الضرائب من أغنى النّاس ، وأكثرهم قدرة على الدفع ، في حين يكون الملتزم أقل الناس قدرة على الدفع.
ب ـ أنّ القدرة التكليفية على دفع الضريبة معيار ظالم. لأنّه لا يراعي ظروف الفقراء فيساويهم مع الأغنياء بالنسبة لدفع بعض أنواع الضرائب : كالضرائب غير المباشرة ، والتي يدفعها الأغنياء ، والفقراء معا كجزء من أثمان السلع والحاجيات التي يستهلكها جميع المواطنين ، والتي لا غنى لهم عنها.
أمّا بالنسبة للزكاة : فمعيار القدرة التكليفية في دفعها معيار عادل ؛ لأنّه ينبني على القدرة التكليفية الحقيقية للأفراد ، وليس القدرة الشكلية. ومعيارها هذا أصّلته الآية القرآنية ، وهي قوله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ) سورة البقرة آية ٢١٩. وقوله تعالى : (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) سورة الأعراف آية ١٩٩.
والعفو الذي أشارت إليه الآيات هو الزائد عن الحاجة من المال ، وبغض النظر عن الدافع هل هو من الحكام ، أو الرعاع ، أو من أعضاء مجلس الشورى أو من المحكومين ؛ يؤيد ذلك أيضا أخذ الاقتصاد الإسلامي بمبدإ تحقيق حدّ الكفاية ، وليس حدّ الكفاف في المعيشة فقط.