(الذين يأتون ما آتوا). قالت : أيّهما أحبّ إليك؟ قالت : والذي نفسي بيده ، لإحداهما أحبّ إليّ من الدّنيا جميعا. قالت : أيّهما؟ قلت : (والذين يأتون ما آتوا) فقالت : أشهد أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كذلك كان يقرؤها ، وكذلك أنزلت ، ولكن الهجاء حرف.
تفنيد هذه الشبهة :
أولا : بأن هذه الروايات مهما يكن سندها صحيحا ، فإنّها مخالفة للمتواتر القاطع ، ومعارض القاطع ساقط مردود ، فلا يلتفت إليها ، ولا يعمل بها.
ثانيا : أنّه قد نص في كتاب «إتحاف فضلاء البشر» ، على أن لفظ «هذن» قد رسم في المصحف من غير ألف ولا ياء ، ليحتمل وجوه القراءات الأربع فيها ، كما شرحنا ذلك سابقا في فوائد رسم المصحف. وإذن فلا يعقل أن يقال أخطأ الكاتب ، فإن الكاتب لم يكتب ألفا ، ولا ياء. ولو كان هناك خطأ تعتقده عائشة ما كانت تنسبه للكاتب ، بل كانت تنسبه لمن يقرأ بتشديد (إن) ، وبالألف لفظا في (هذان). ولم ينقل عن عائشة ، ولا عن غيرها تخطئة من قرأ بما ذكر ؛ وكيف تنكر هذه القراءة وهي متواترة مجمع عليها؟ ، بل هي قراءة الأكثر ، ولها وجه فصيح في العربية لا يخفى على مثل عائشة. ذلك هو إلزام المثنى الألف في جميع حالاته. وجاء منه قول الشاعر العربي :
«واها لسلمى ثم واها واها |
|
يا ليت عيناها لنا وفاها |
وموضع الخلخال من رجلاها |
|
بثمن يرضى به أباها |
إنّ أباها وأبا أباها |
|
قد بلغا في المجد غايتاها» |
فبعيد عن عائشة أن تنكر تلك القراءة ، ولو جاء بها وحدها رسم المصحف.
ثالثا : إن ما نسب إلى عائشة «رضي الله عنها» من تخطئة رسم