المصحف في قوله تعالى : (وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ) بالياء ، مردود بما ذكره أبو حيان في البحر إذ يقول ما نصه : «وذكر عن عائشة رضي الله عنها ، عن أبان بن عثمان أن كتبها بالياء من خطأ كاتب المصحف. ولا يصح ذلك عنهما ؛ لأنها عربيان فصيحان ، وقطع النعوت مشهور في لسان العرب. وهو باب واسع ذكر عليه شواهد سيبويه ، وغيره. وقال الزمخشري : «لا يلتفت إلى ما زعموا من وقوعه خطأ في خط المصحف. وربما التفت إليه من لم ينظر في الكتاب «يريد كتاب سيبويه» ولم يعرف مذاهب العرب ، وما لهم في النصب على الاختصاص من الافتنان ؛ وخفي عليه أن السابقين الأولين الذين مثلهم في التوراة ، ومثلهم في الإنجيل ، كانوا أبعد همة في الغيرة على الإسلام ، وذبّ المطاعن عنه ، من أن يتركوا في كتاب الله ثلمة يسدها من بعدهم ، وخرقا يرفوه من يلحقهم».
رابعا : أنّ قراءة «الصابئون» بالواو ، لم ينقل عن عائشة أنّها خطأت من يقرأ بها ، ولم ينقل أنها كانت تقرأ بالياء دون الواو. فلا يعقل أن تكون خطأت من كتب بالواو.
خامسا : أنّ كلام عائشة في قوله تعالى : (يُؤْتُونَ ما آتَوْا) لا يفيد إنكار هذه القراءة المتواترة المجمع عليها. بل قالت للسائل : أيهما أحبّ إليك؟ ولا تحصر المسموع عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فيما قرأت هي به. بل قالت : إنّه مسموع ومنزل فقط.
وهذا لا ينافي أن القراءة الأخرى مسموعة ، ومنزلة كتلك. خصوصا أنها متواترة عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم. أما قولها : ولكن الهجاء حرف : فكلمة حرف مأخوذة من الحرف بمعنى القراءة ، واللغة ، والمعنى أن هذه القراءة المتواترة التي رسم بها المصحف ، لغة ، ووجه من وجوه الأداء في القرآن الكريم. ولا يصح أن تكون كلمة حرف في حديث عائشة مأخوذة من التحريف الذي هو الخطأ ؛ وإلا كان حديثا معارضا للمتواتر ، ومعارض القاطع ساقط.