يحيى ، قال : سألني أبو قرة المحدث أن أدخله على أبي الحسن الرضا عليهالسلام فاستأذنته في ذلك فأذن لي ، فدخل عليه فسأله عن الحلال والحرام والأحكام حتى بلغ سؤاله التوحيد ، فقال أبو قرة : إنا روينا أن الله عزوجل قسم الرؤية والكلام بين اثنين ، فقسم لموسى عليهالسلام الكلام ولمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم الرؤية ، فقال أبو الحسن عليهالسلام فمن المبلغ عن عزوجل إلى الثقلين الجن والإنس ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ) (١) ( ويحيطون به علما ) (٢) ( وليس كمثله شيء ) (٣) أليس محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : بلى؟ قال : فكيف يجئ رجل إلى الخلق جميعا فيخبرهم أنه جاء من عند الله وأنه يدعوهم إلى الله بأمر الله ويقول : ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ) ( ولا يحيطون به علما ) ( وليس كمثله شيء ) ثم يقول : أنا رأيته بعيني ، وأحطت به علما وهو على صورة البشر ، أما تستحيون؟ ما قدرت الزنادقة أن ترميه بهذا أن يكون يأتي عن الله بشيء ، ثم يأتي بخلافه من وجه آخر! (٤).
قال أبو قرة : فإنه يقول : ( ولقد رآه نزلة أخرى ) (٥) فقال أبو الحسن عليهالسلام : إن بعد هذه الآية ما يدل على ما رأى ، حيث قال : ( ما كذب الفؤاد ما رأى ) يقول : ما كذب فؤاد محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ما رأت عيناه ، ثم أخبر بما رأى فقال : لقد رأى من آيات ربه الكبرى ، فآيات الله عزوجل غير الله : وقد قال : ( ولا يحيطون به علما ) فإذا رأته الأبصار فقد أحاطت به العلم (٦) ووقعت المعرفة ، فقال أبو قرة فتكذب بالروايات فقال أبو الحسن عليهالسلام : إذا كانت الروايات مخالفة للقرآن كذبت
__________________
١ ـ الأنعام : ١٠٣.
٢ ـ طه : ١١٠.
٣ ـ الشورى : ١١.
٤ ـ قوله : ( ما قدرت الزنادقة ـ الخ ) استفهام تقرير ، أي ألم تقدر الزنادقة أن ترميه بهذا القبيح ، وقوله : ( أن يكون يأتي ـ الخ ) عطف بيان لهذا.
٥ ـ النجم : ١٣.
٦ ـ أي فقد أحاطت به الأبصار علما فإن التميز قد يأتي معرفة ، والنسخ متفقة في هذه العبارة حتى الكافي والبحار.