فانظر ( إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني ) فأبدى الله سبحان بعض آياته وتجلى ربنا للجبل فتقطع الجبل فصار رميما وخر موسى صعقا ، يعني ميتا فكان عقوبته الموت (١) ثم أحياه الله وبعثه وتاب عليه ، فقال : ( سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين ) يعني أول مؤمن آمن بك منهم أنه لن يراك ، وأما قوله : ( ولقد رآه نزلة أخرى عند سدره المنتهى ) يعني محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم كان عند سدرة المنتهى حيث لا يتجاوزها خلق من خلق الله (٢) وقوله في آخر الآية : ( ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى ) رأى جبرئيل عليهالسلام في صورته مرتين هذه المرة ومرة أخرى (٣) وذلك أن خلق جبرئيل عظيم فهو من الروحانيين الذين لا يدرك خلقهم وصفتهم إلا الله رب العالمين (٤).
وأما قوله : ( يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما ) لا يحيط الخلائق بالله عزوجل علما إذ هو تبارك وتعالى جعل على أبصار القلوب الغطاء ، فلا فهم يناله بالكيف ، ولا قلب يثبته بالحدود ، فلا يصفه إلا كما وصف نفسه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، الأول والآخر والظاهر والباطن ، الخالق البارئ المصور ، خلق الأشياء
__________________
١ ـ هذا بظاهره يعارض دلائلنا على أن الأنبياء لا يعاقبون لأنهم عليهمالسلام معصومون فنرفع اليد عنه ، إلا أن يراد بالعقوبة معناها اللغوي أي ما يقع عقيب شيء ، فقد وقع صعقة موسى بعد تجلي الرب ، كما كان يغشى على نبينا صلىاللهعليهوآله حين تجلى الرب تعالى له على ما أشير إليه في الحديث الخامس عشر من الباب الثامن ، وليس في نسخة ( و ) و ( ج ) و ( د ) ( يعني ميتا فكان عقوبته الموت ).
٢ ـ في نسخة ( ج ) و ( ط ) و ( ن ) ( يعني محمدا صلىاللهعليهوآله حيث لا يتجاوزها ـ الخ ) وفي حاشية نسخة ( ب ) و ( د ) ( يعني محمدا صلىاللهعليهوآله حين يرى ربه كان عنده سدرة المنتهى حيث لا يجاوزها ـ الخ ).
٣ ـ في نسخة ( ط ) ( رأى حين يرى ربه عند سدرة المنتهى جبرئيل عليهالسلام في صورته ـ الخ ).
٤ ـ في نسخة ( ب ) و ( د ) ( وذلك أن خلق جبرئيل عظيم من الروحانيين ـ الخ ).