١٠ ـ حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمهالله ، قال : حدثنا محمد بن جعفر أبو الحسين الأسدي ، قال : حدثنا الحسين بن المأمون القرشي (١) عن عمر بن عبد العزيز ، عن هشام بن الحكم ، قال : قال لي أبو شاكر الديصاني : إن لي مسألة تستأذن لي على صاحبك ، فإني قد سألت عنها جماعة من العلماء فما أجابوني بجواب مشبع ، فقلت : هل لك أن تخبرني بها فلعل عندي جوابا ترتضيه فقال : إني أحب أن ألقى بها أبا عبد الله عليهالسلام ، فاستأذنت له فدخل فقال له : أتأذن لي في السؤال؟ فقال له : سل عما بدا لك ، فقال له : ما الدليل على أن لك صانعا؟ فقال : وجدت نفسي لا تخلو من إحدى جهتين : إما أن أكون صنعتها أنا أو صنعها غيري ، فإن كنت صنعتها أنا فلا أخلو من أحد معنيين : إما أن أكون صنعتها وكانت موجودة ، أو صنعتها وكانت معدومة ، فإن كنت صنعتها وكانت موجودة فقد استغنت بوجودها عن صنعتها ، وإن كانت معدومة فإنك تعلم أن المعدوم لا يحدث شيئا فقد ثبت المعنى الثالث أن لي صانعا وهو الله رب العالمين فقام وما أحار جوابا.
قال مصنف هذا الكتاب : القول الصواب في هذا الباب هو أن يقال : عرفنا الله بالله لأنا إن عرفناه بعقولنا فهو عزوجل واهبها ، وإن عرفناه عزوجل بأنبيائه ورسله وحججه عليهمالسلام فهو عزوجل باعثهم ومرسلهم ومتخذهم حججا ، وإن عرفناه بأنفسنا فهو عزوجل محدثها ، فبه عرفناه ، وقد قال الصادق عليهالسلام : ( لولا الله ما عرفنا (٢) ولولا نحن ما عرف الله ) ومعناه لولا الحجج ما عرف الله حق معرفته ، ولولا الله ما عرف الحجج ، وقد سمعت بعض أهل الكلام يقول : لو أن رجلا ولد في فلاة من الأرض ولم ير أحدا يهديه ويرشده حتى كبر وعقل ونظر إلى السماء والأرض لدله ذلك على أن لهما صانعا ومحدثا ، فقلت : إن هذا شيء لم يكن ، وهو إخبار بما لم يكن أن لو كان كيف كان يكون ، ولو كان ذلك لكان لا يكون
__________________
١ ـ في حاشية نسخه ( ب ) ( الحسن بن المأمون القرشي ).
٢ ـ أي لولا تعريف الله إيانا لخلقه ما عرفنا أحد منهم ، وما في بعض النسخ من زيادة ضمير المفعول الراجع إلى الله هنا خطأ.