لعلكم تذكرون ) (١) ففرق بها بين قبل وبعد ليعلم أن لا قبل له ولا بعد ، شاهدة بغرائزها أن لا غريزة لمغرزها ، دالة بتفاوتها أن لا تفاوت لمفاوتها (٢) ، مخبرة بتوقيتها أن لا وقت لموقتها ، حجب بعضها عن بعض ليعلم أن لا حجاب بينه وبينها غيرها (٣) له معنى الربوبية إذ لا مربوب (٤) وحقيقة الإلهية إذ لا مألوه (٥) ومعنى العالم ولا معلوم ، ومعنى الخالق ولا مخلوق ، وتأويل السمع ولا مسموع (٦) ليس منذ خلق استحق معنى الخالق ، ولا باحداثه البرايا استفاد معنى البارئية (٦) كيف (٧) ولا تغيبه مذ ، ولا تدنيه قد ، ولا تحجبه لعل ، ولا توقته متى ، ولا تشمله حين ،
__________________
١ ـ الذاريات : ٤٩ ، والآية إما استشهاد للمضادة فالمعنى : ومن كل شيء خلقنا ضدين كالأمثلة المذكورة بخلافه تعالى فإنه لا ضد له ، أو استشهاد للمقارنة فالمعنى : ومن كل شيء خلقنا قرينين فإن كل شيء له قرين من سنخه أو مما يناسبه بخلاف الحق تعالى ، والأول أظهر بحسب الكلام هنا ، والثاني أولى بحسب الآيات المذكور فيها لفظ الزوجين.
٢ ـ إثبات التفاوت هنا لا ينافي قوله تعالى : ( ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت ) لأن ما في الآية بمعنى عدم التناسب.
٣ ـ في نسخة ( ط ) و ( ن ) وفي البحار : ( من غيرها ).
٤ ـ كل كلام نظير هذا على كثرتها في أحاديث أئمتنا سلام الله عليهم يرجع معناه إلى أن كل صفة كمالية في الوجود ثابتة له تعالى بذاته ، لا أنها حاصلة له من غيره ، وهذا مفاد قاعدة ( أن الواجب الوجود لذاته واجب لذاته من جميع الوجوه ).
٥ ـ الإلهية إن أخذت بمعنى العبادة فالله مألوه والعبد آله متأله ، وأما بمعنى ملك التأثير والتصرف خلقا وأمرا كما هنا وفي كثير من الأحاديث فهو تعالى إله والعبد مألوه ، وعلى هذا فسر الإمام عليهالسلام ( الله ) في الحديث الرابع من الباب الحادي والثلاثين.
٦ ـ إنما غير أسلوب الكلام وقال : ( وتأويل السمع ) إذ ليس له السمع الذي لنا بل سمعه يؤول إلى علمه بالمسموعات ، وفي نسخة ( ب ) و ( ج ) كلمة إذ في الفقرات الثلاثة الأخيرة مكان الواو أيضا.
٦ ـ في أكثر النسخ ( البرائية ) وفي نسخة ( ن ) والبحار ( البارئية ) كما في المتن.
٧ ـ أي كيف لا يستحق معنى الخالق والبارئ قبل الخلق والحال أنه لا تغيبه مذ التي