صفة تنال ، ولا حد يضرب له الأمثال ، كل دون صفاته تعبير اللغات (١) وضل هنالك تصاريف الصفات ، وحار في ملكوته عميقات مذاهب التفكير ، وانقطع دون الرسوخ في علمه جوامع التفسير ، وحال دون غيبه المكنون حجب من الغيوب ، وتاهت في أدني أدانيها طامحات العقول في لطيفات الأمور (٢) فتبارك الله الذي لا يبلغه بعد الهمم ، ولا يناله غوص الفطن ، وتعالى الله الذي ليس له وقت معدود ، ولا أجل ممدود ، ولا نعت محدود ، وسبحان الذي ليس له أول مبتدء ، ولا غاية منتهى ، ولا آخر يفنى ، سبحانه ، هو كما وصف نفسه ، والواصفون لا يبلغون نعته ، حد الأشياء كلها عند خلقه إياها إبانة لها من شبهه وإبانة له من شبهها ، فلم يحلل فيها فيقال : هو فيها كائن (٣) ولم ينأ عنها فيقال : هو منها بائن ، ولم يخل منها فيقال له : أين ، لكنه سبحانه أحاط بها علمه ، وأتقنها صنعه ، وأحصاها حفظه ، لم يعزب عنه خفيات غيوب الهوى (٤) لا غوامض مكنون ظلم الدجى ، ولا ما في السماوات العلى والأرضين السفلى ، لكل شيء منها حافظ ورقيب ، وكل شيء منها بشيء محيط (٥) والمحيط بما أحاط منها الله الواحد الأحد الصمد الذي لم تغيره صروف الأزمان ولم يتكاده
__________________
١ ـ في نسخة ( ج ) و ( و ) ( تحبير اللغات ).
٢ ـ أي تحيرت في أدنى أداني الحجب العقول الطامحة المرتفعة في الأمور اللطيفة والعلوم الدقيقة.
٣ ـ فلم يحلل فيها بالحلول المكيف كحلول بعض الأشياء في بعض ، فلا ينافي قوله صلوات الله عليه : ( داخل في الأشياء لا بالكيفية ). وفي موضع آخر : ( داخل في الأشياء لا كدخول شيء في شيء ). في موضع آخر : ( داخل في الأشياء لا بالممازجة.
٤ ـ أي لم يعزب عنه خفيات الأهواء الغائبة عن الادراك في صدور العالمين فإنه عليم بذات الصدور ، وفي الكافي ( غيوب الهواء ) بالمد وهو الجو المحيط والذي فيه مما يستنشقه الحيوان.
٥ ـ إحاطة التأثير والعلية لا الجسمية كما هو مقتضى وحده السياق لأن إحاطة الحق تعالى بالمحيط بالكل ليست جسمية ، وضمير منها محتمل الرجوع إلى الأشياء وإلى السماوات والأرضين.