صنع شيء كان ، إنما قال لما شاء أن يكون : كن فكان ، ابتدع ما خلق بلا مثال سبق ، ولا تعب ولا نصب ، وكل صانع شيء فمن شيء صنع ، والله لا من شيء صنع ما خلق ، وكل عالم فمن بعد جهل تعلم ، والله لم يجهل ولم يتعلم ، أحاط بالأشياء علما قبل كونها فلم يزدد بكونها علما ، علمه بها قبل أن يكونها كعلمه بعد تكوينها ، لم يكونها لشدة سلطان ، ولا خوف من زوال ولا نقصان ، ولا استعانة على ضد مثاور (١) ولا ند مكاثر ، ولا شريك مكائد (٢) لكن خلائق مربوبون ، وعباد داخرون ، فسبحان الذي لا يؤده خلق ما ابتدأ ، ولا تدبير ما برأ ، ولا من عجز ولا من فترة بما خلق اكتفى ، علم ما خلق وخلق ما علم لا بالتفكر ، ولا بعلم حادث أصاب ما خلق ، ولا شبهة دخلت عليه فيما لم يخلق ، لكن قضاء مبرم ، وعلم محكم ، وأمر متقن ، توحد بالربوبية ، وخص نفسه بالوحدانية ، واستخلص المجد والثناء ، فتمجد بالتمجيد ، وتحمد بالتحميد ، وعلا عن اتخاذ الأبناء ، وتطهر وتقدس عن ملامسة النساء (٣) وعزوجل عن مجاورة الشركاء ، فليس له فيما خلق ضد ، ولا فيما ملك ند ، ولم يشرك في ملكه أحد (٤) الواحد الأحد الصمد المبيد للأبد ، والوارث ، للأمد (٥) الذي لم يزل ولا يزال وحدانيا أزليا قبل بدء الدهور وبعد
__________________
١ ـ المثاورة من الثورة ، وفي البحار بالسين وهو بمعناه ، وفي نسخة ( د ) ( مشارد ) والمشاردة بمعنى المطاردة ، وفي نسخة ( ط ) و ( ن ) « مشاور » بالشين المعجمة وهو من خطأ النساخ ، وفي الكافي « ضد مناو » أي معاد.
٢ ـ في نسخة ( ب ) و ( ن ) « شريك مكابد » بالباء الموحدة والدال ، وفي الكافي « مكابر » بالباء الموحدة والراء.
٣ ـ في نسخة ( ب ) و ( د ) « عن ملابسة النساء » وهو مأخوذ من الآية الكنائية.
٤ ـ في نسخة ( ب ) « ولم يشرك في حكمه أحد ».
٥ ـ أي المهلك المفني للأبد والدهر فإن الدهر والزمان ليس في جنب أزليته وسرمديته إلا كان. وهو الوارث الباقي بعد فناء الغايات ووصول النهايات ، وفي نسخة ( ج ) « المؤبد للأبد » وفي نسخة ( ط ) و ( ن ) ليس الأبد والأمد مصدرين بلام التقوية ، وقوله : « الذي ـ إلى قوله : ـ صرف الأمور » تفسير لهذا الذي قبله.