اليهود توجّهت قبل المغرب والنصارى قبل المشرق (وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ) الآية (١).
[٢ / ٤٣٩٧] وروى الإمام أبو محمّد العسكري عن جدّه الإمام زين العابدين عليهماالسلام قال : «قالت اليهود : قد صلّينا على قبلتنا هذه ، الصلاة الكثيرة وفينا من يحيي الليل صلاة إليها ، وهي قبلة موسى الّتي أمرنا بها. وقالت النصارى : قد صلّينا على قبلتنا هذه ، الصلاة الكثيرة وفينا من يحيي الليل صلاة إليها ، وهي قبلة عيسى الّتي أمرنا بها. وقال كلّ واحد من الفريقين : أترى ربّنا يبطل أعمالنا هذه الكثيرة ، وصلاتنا إلى قبلتنا ، لأنّا لا نتّبع محمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم على هواه ...؟! فأنزل الله : يا محمّد قل : (لَيْسَ الْبِرَّ) [أي] الطاعة الّتي تنالون بها الجنان وتستحقّون بها الغفران والرضوان (أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ) بصلاتكم (قِبَلَ الْمَشْرِقِ) ، يا أيّها النصارى ، وقبل (وَالْمَغْرِبِ) ، يا أيّها اليهود ، وأنتم لأمر الله مخالفون وعلى وليّ الله مغتاظون» (٢).
[٢ / ٤٣٩٨] وأخرج ابن جرير عن ابن عبّاس قال : هذه الآية نزلت بالمدينة : (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ) يعني الصلاة ، يقول : ليس البرّ أن تصلّوا ولا تعملوا غير ذلك ، ولكنّ البرّ ما ثبت في القلب من طاعة الله! (٣)
[٢ / ٤٣٩٩] وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصحّحه عن أبي ذرّ ، أنّه سأل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن الإيمان ، فتلا : (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ) حتّى فرغ منها ، ثمّ سأله أيضا فتلاها ، ثمّ سأله فتلاها. وقال : «وإذا عملت حسنة أحبّها قلبك ، وإذا عملت سيّئة أبغضها قلبك» (٤).
[٢ / ٤٤٠٠] وأخرج إسحاق بن راهويه في مسنده وعبد بن حميد وابن مردويه عن القاسم بن
__________________
(١) الدرّ ١ : ٤١١ ؛ الطبري ٢ : ١٢٨ / ٢٠٨٢ ؛ القرطبي ٢ : ٢٣٧ ، بلفظ : «قال قتادة : ذكر لنا أنّ رجلا سأل نبيّ الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن البرّ ، فأنزل الله هذه الآية. قال : وقد كان الرجل قبل [نزول] الفرائض إذا شهد أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدا عبده ورسوله ، ثمّ مات على ذلك وجبت له الجنّة ، فأنزل الله هذه الآية. وقال الربيع وقتادة أيضا : الخطاب لليهود والنصارى ، لأنّهم اختلفوا في التوجّه والتولّي ؛ فاليهود إلى المغرب قبل بيت المقدس ، والنصارى إلى المشرق مطلع الشمس. فتكلّموا في تحويل القبلة وفضّلت كلّ فرقة توليتها ؛ فقيل لهم : ليس البرّ ما أنتم فيه ، ولكن البرّ من آمن بالله ...».
(٢) الصافي ١ : ٣٢٤ ـ ٣٢٥ ؛ التفسير الإمام عليهالسلام : ٥٩١ ـ ٥٩٢ / ٣٥٣ ؛ البحار ٩ : ١٨٨ ـ ١٩ باب ١.
(٣) الدرّ ١ : ٤١١ ؛ الطبري ٢ : ١٢٨ / ٢٠٧٩ ؛ مجمع البيان ١ : ٤٨٥ ، نقلا عن ابن عبّاس ومجاهد واختاره أبو مسلم بلفظ : ليس البرّ كلّه في التوجّه إلى الصلاة حتّى يضاف إلى ذلك غيره من الطاعات الّتي أمر الله بها.
(٤) الدرّ ١ : ٤١٠ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٢٨٧ / ١٥٣٩ ؛ الحاكم ٢ : ٢٧٢.