الأرض إلّا صار عمرانا وبركة ، حتّى انتهى إلى مكّة فبنى البيت الحرام ، وإنّ جبريل عليهالسلام ضرب بجناحه الأرض ، فأبرز عن أسّ ثابت على الأرض السابعة ، فقذفت فيه الملائكة الصخر ، ما يطيق الصخرة منها ثلاثون رجلا ، وإنّه بناه من خمسة أجبل. من لبنان ، وطور زيتا ، وطور سينا ، والجوديّ ، وحراء ، حتّى استوى على وجه الأرض ، فكان أوّل من أسّس البيت وصلّى فيه وطاف به آدم عليهالسلام ، حتّى بعث الله الطوفان فكان غضبا ورجسا ، فحيثما انتهى الطوفان ذهب ريح آدم عليهالسلام ، ولم يقرب الطوفان أرض السند والهند ، فدرس موضع البيت في الطوفان حتّى بعث الله إبراهيم وإسماعيل عليهماالسلام ، فرفعا قواعده وأعلامه ، ثمّ بنته قريش بعد ذلك وهو بحذاء البيت المعمور ، لو سقط ما سقط إلّا عليه. (١)
[٢ / ٣٣٢٠] وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن ابن عبّاس ، أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «إنّ البيت الذي بوّأه الله لآدم كان من ياقوتة حمراء لها بابان أحدهما شرقي والآخر غربيّ ، فكان فيها قناديل من نور الجنّة ، آنيتها الذهب منظومة بنجوم من ياقوت أبيض ، والركن يومئذ نجم من نجومه ، ووضع لها صفّا من الملائكة على أطراف الحرم ، فهم اليوم يذبّون عنه لأنّه شيء من الجنّة ، لا ينبغي أن ينظر إليه إلّا من وجبت له الجنّة ومن نظر إليها دخلها ، وإنّما سمّي الحرم لأنّهم لا يجاوزونه ، وإنّ الله وضع البيت لآدم حيث وضعه والأرض يومئذ طاهرة لم يعمل عليها شيء من المعاصي ، وليس لها أهل ينجّسونها ، وكان سكّانها الجنّ». (٢)
[٢ / ٣٣٢١] وأخرج الطبراني عن ابن عمر قال : نزل الركن الأسود من السماء فوضع على أبي قبيس كأنّه مهاة بيضاء ، فمكث أربعين سنة ثمّ وضع على قواعد إبراهيم. (٣)
[٢ / ٣٣٢٢] وأخرج الجندي عن معمر قال : إنّ سفينة نوح طافت بالبيت سبعا حتّى إذا أغرق الله قوم نوح ، رفعه وبقي أساسه ، فبوّأه الله لإبراهيم فبناه بعد ذلك. وذلك قوله تعالى : (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ) واستودع الركن أبا قبيس حتّى إذا كان بناء إبراهيم نادى أبو قبيس
__________________
(١) الدرّ ١ : ٣١٣ ؛ العظمة ٥ : ١٥٤٨ / ١٠٠٩ ـ ٨ ؛ ابن عساكر ٧ : ٤٢١.
(٢) الدرّ ١ : ٣٢٤ ؛ العظمة ٥ : ١٥٨٥ / ١٠٥٠.
(٣) الدرّ ١ : ٣٢٥ ؛ مجمع الزوائد ٣ : ٢٤٣ ، باب فضل الحجر الأسود ، قال الهيثمي : رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات.