لقوله تعالى: (وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ)(١).
فالحجّية تعني ولايتهم على الخلق بقِسْمَيْها؛ ولايتهم التشريعية المنبعثة من مقام علمهم بالكتاب الذي يضمّ علم كلّ شيء، إذ الولاية التشريعية لا تتمّ إلّا بمعرفة أحكام كلّ شيء فهي من لوازم العلم. وبحكم علمهم بكتاب الله فإنّ لهم الولاية التكوينية على الخلق، إذ هذا القرآن ـ بحقيقته المكنونة التكوينية الملكوتية الذي لا يعلمه إلّا المطهَّرون ـ موصوف بقابلياته الإلهيّة المودعة فيه: (وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَىٰ ...) (٢) وقوله تعالى: (قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ)(٣) فالحجّية هي المقام الإلهي المنبعثة منها ولايتهم عليهمالسلام بقِسْمَيْها.
وبهذا سيتمّ لنا معرفة مقام فاطمة عليهاالسلام من حيث معرفتها بكتاب الله وبواطنه وعلومه، ومن حيث ولايتها التشريعية والتكوينية معاً.
وقد رُوِيَتْ في عرض ولايتها على الخلق كباقي ولاية أصحاب الكساء
__________________
(١) الأنعام/ ٥٩.
(٢) الرعد/ ٣١.
(٣) النمل/ ٤٠.