عن النهج الرسالي القويم.
الوسط الاسلامي ... والتطرف المسيحي
ولم تهتدِ المسيحية لابتعادها عن الحق في تشخصيص مقام مريم وابنها المسيح، فتطرّفتْ في ذلك حتّى جعلت المسيح ثالث ثلاثة، وألّهتْ المسيح وأمّه، وقد عالج الإسلام هذه المشكلة الفكرية التي وقعت بها المسيحية لابتعادها عن حقيقة تعاليمها السماوية، وأبطل أول الأمر الألوهية لهذين العبدين القانتين لله تعالى، وأكّد خضوع المسيح وعبوديته لله سبحانه (وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّـهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّـهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّـهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ)(١) إذ حدّد مهمّة عيسى أولاً وهي العبودية المحضة والطاعة الخالصة لله الواحد الأحد، ودون ذلك شرك وظلم يستحقّ معتقده النار.
ثم أشار إلى بشرية عيسى وأمّه وأكّد أنهما بشران وأنهما نالا مقام الحجّية لله تعالى بطاعتهما وعبادتهما له، فأشار لأحدهما بالرسالة وللآخر بالحجّية بقوله: (مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ)(٢).
__________________
(١) المائدة / ٧٢.
(٢) المائدة / ٧٥.