نصحك ، ولا يؤثّر فيهم وعظك .. كيف لا؟ وقد جرّعوا شراب الحجبة ، ووسموا بكىّ الفرقة ؛ فلا بصيرة لهم ولا (...) (١) ولا فهم ولا حصافة.
قوله جل ذكره : (وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ ما فِي الْأَرْضِ لافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (٥٤))
لا يقبل منهم عدل ولا سرف (٢) ، ولا يحصل فيما سبق لهم من الوعيد خلف. ولا ندامة تنفعهم وإن صدقوها ، ولا كرامة تنالهم وإن طلبوها ، ولا ظلم يجرى عليهم ولا حيف ، كلا ... بل هو الله العدل فى قضائه ، الفرد فى علائه بنعت كبريائه.
قوله جل ذكره : (أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَلا إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٥٥))
الحادثات بأسرها لله ملكا ، وبه ظهورا ، ومنه ابتداء ، وإليه انتهاء ؛ فقوله حقّ ، ووعده صدق ، وأمره حتم ، وقضاؤه بات. وهو العلىّ ، وعلى ما يشاء قوى.
قوله جل ذكره : (هُوَ يُحيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٥٦))
يحيى القلوب بأنوار المشاهدة ، ويميت النفوس بأنواع المجاهدة ، فنفوس العابدين تلفها فنون المجاهدات ، وقلوب العارفين شرفها عيون المشاهدات.
ويقال يحيى من أقبل عليه ، ويميت من أعرض عنه.
ويقال يحيى قلوب قوم بجميل الرجاء ، ويميت قلوب قوم بوسم القنوط.
قوله جل ذكره : (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ
__________________
(١) مشتبهة.
(٢) السرف هنا معناها مجاوزة الحد.