بقلوبهم من حيث المعارف. (وَكانُوا يَتَّقُونَ) : استقاموا بنفوسهم بأداء الوظائف.
ويقال (آمَنُوا) بتلقى التعريف. «واتقوا» : بالتقوى عن المحرمات بالتكليف.
قوله جلّ ذكره : (لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٦٤))
القيام بالأمر يدل على الصحة ؛ فإذا قاموا بما أمروا به ، واستقاموا بترك ما زجروا عنه بشّرتهم الشريعة بالخروج عن عهدة الإلزام ، وبشّرتهم الحقيقة باستيجاب الإكرام ، بما كوشفوا به من الإعلام .. وهذه هى البشرى فى عاجلهم. وأما البشرى فى آجلهم : فالحقّ ـ سبحانه ـ يتولّى ذلك التعريف ، قال تعالى : (يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ) (١)
ويقال البشارة العظمى ما يجدون فى قلوبهم من ظفرهم بنفوسهم بسقوط مآربهم ، وأىّ ملك أتمّ من سقوط المآرب ، والرضا بالكائن (٢)؟ هذه هى النعمة العظمى ، ووجدان هذه الحالة هو البشرى الكبرى.
ويقال الفرق بين هذه البشارة التي لهم وبين البشارة التي لخلق أنّ التي للخلق عدّة (٣) بالجميل ، والذي لهم نقد ومحصول.
قوله جل ذكره : (وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦٥))
العبد ما دام متفرقا يضيق صدره ويستوحش قلبه بما يسمع ويشهد من الأغيار والكفار ما تتقدّس عنه صفة الحقّ ، فإن صار عارفا زالت عنه تلك الصفة لتحققه بأنّ الحقّ سبحانه وراء كلّ طاعة وزلّة ، فلا له ـ سبحانه ـ من هذا استيحاش ، ولا بذلك استئناس.
__________________
(١) آية ٢١ سورة التوبة.
(٢) الكائن هنا معناها الواقع ، فلا يتطلعون إلى زيادة أو تغيير.
(٣) عدة ـ وعد ، وتذكر ما قلناه فى هامش سابق عن الوعد والنقد.