فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٩٠))
حملت العزّة فرعون على تقحم البحر على إثرهم ، فلمّا تحقّق الهلاك حملته ضرورة الحيلة على الاستعاذة ، فلم ينفعه ذلك لفوات وقت الاختيار.
ويقال لما شهد صولة التقدير أفاق من سكر الغلطة (١) ، لكن : «بعد شهود البأس لا ينفع التخاشع والابتئاس».
قوله جل ذكره : (آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (٩١))
... أبعد طول الإمهال ، والإصرار على ذميم الأفعال ، والرّكض فى ميدان الاغترار ، وانقضاء وقت الاعتذار؟! هيهات! لقد استوجبت أن تردّ فى وجهك ، فلا لعذرك قبول ، ولا لك إلى ما ترومه وصول.
قوله جل ذكره : (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ (٩٢))
لنشهرنّ تعذيبك ، ونظهرنّ ـ لمن استبصر ـ تأديبك ، لتكون لمن خلفك عبرة ، وتزداد حين أفقت أسفا وحسرة.
قوله جل ذكره : (وَلَقَدْ بَوَّأْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جاءَهُمُ الْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ
__________________
(١) تصح أن تكون كذلك ، وتصح أن تكون (الغلظة) بالظاء ، وهى قسوة القلب من الكفر والعناد ، ولا نستبعد أيضا أن تكون : أفاق من سكر (الغفلة).