وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ (٨١))
فى الظاهر جعل لكم من الأشجار والسقوف ونحوها ظلالا .. كذلك جعل فى ظل عنايته لأوليائه مثوى وقرارا.
وكما ستر ظواهركم بسرابيل تقيكم الحرّ وسرابيل تقيكم بأس عدوكم ـ كذلك ألبس سرائركم لباسا يلفكم به فى السراء والضراء ، ولباس العصمة يحميكم من مخالفته ، وأظلكم بظلال التوفيق مما يحملكم على ملازمة عبادته ، وكساكم بحلل الوصل مما يؤهلكم لقربته ، وصحبته.
قوله : (كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ ..) ، إتمام النعمة بأن تكون عاقبتهم مختومة بالخير ، ويكفيهم أمور الدين والدنيا ، ويصونهم عن اتباع الهوى ، ويسدّدهم حتى يؤثروا ما يوجب من الله الرضاء.
قوله جل ذكره : (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (٨٢))
إذا بلّغت الرسالة فما جعلنا إليك (١) حكم الهداية والضلالة.
قوله جل ذكره : (يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ (٨٣))
يستوفقون إلى الطاعة ، فإذا فعلوا أعجبوا بها (٢).
__________________
(١) وردت (إليكم) والخطاب موجه إلى المصطفى صلىاللهعليهوسلم فالصواب (إليك).
(٢) فى هذا الصدد ينقل القشيري عن شيخه الدقاق قوله (لما دخل الواسطي نيسابور سأل أصحاب أبى عثمان : بماذا كان يأمركم شيخكم؟.
فقالوا : كان يأمرنا بالتزام الطاعات ورؤية التقصير فيها.
فقال : هلا أمركم بالغيبة عنها برؤية منشيها ومجريها؟) الرسالة ص ٣٤.