قوله جل ذكره : (اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (٧٥))
الاجتباء والاصطفاء من الحق سبحانه بإثبات القدر ، وتخصيص الطّول ، وتقديمهم على أشكالهم فى المناقب والمواهب.
ثم بعضهم فوق بعض درجات ؛ فالفضيلة بحقّ المرسل ، لا لخصوصية فى الخلقة فى المرسل.
قوله جل ذكره : (يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٧٦))
يعلم حالهم ومآلهم ، وظاهرهم وباطنهم ، ويومهم وغدهم ، ويعلم نقضهم عهدهم ؛ فإليه منقلبهم ، وفى قبضته تقلّبهم.
قوله جل ذكره : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٧٧))
الركوع والسجود والعبادة كلّها بمعنى الصلاة ؛ لأنّ الصلاة تشتمل على هذه الأفعال جميعها ، ولكن فرّقها فى الذكر (١) مراعاة لقلبك من الخوف عند الأمر بالصلاة ؛ فقسّمها ليكون مع كلّ لفظة ومعنى نوع من التخفيف والترفيه ، ولقلوب أهل المعرفة فى كل لفظة راحة جديدة.
ويقال لوّن عليهم العبادة ، وأمرهم بها ، ثم جميعها عبادة واحدة ، ووعد عليها من الثواب الكثير ما تقصر عن علمه البصائر.
ويقال علم أن الأحباب يحبّون سماع كلامه فطّول عليهم القول إلى آخر الآية ؛ ليزدادوا عند سماع ذلك أنسا على أنس ، وروحا على روح ، ومعاد خطاب الأحباب هو روح روحهم ، وكمال راحتهم.
__________________
(١) ما يلى من الكلام فى هذه الفقرة مفيد فى المباحث البلاغية فائدة كبيرة.