انتظروا فى المآل الشفاعة ممن لا يوجد منه الضّرّ والنّفع فى الحال. ثم أخبر أنهم يخبرون عما ليس على الوجه الذي قالوا معلوما ، ولو كان كما قالوا لعلموا أنه سبحانه لا يعزب عن علمه (١) معلوم.
ومعنى قوله : (لا يَعْلَمُ) : خلافه. ومن تعلّق قلبه بالمخلوقين فى استدفاع المضارّ واستجلاب المسارّ فكالسالك سبيل من عبد الأصنام ؛ إذ المنشئ والموجد للشىء من العدم هو الله ـ سبحانه.
قوله جل ذكره : (وَما كانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً واحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيما فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١٩))
وذلك من زمان آدم عليهالسلام إلى أن تحاربوا ، والحق ـ سبحانه ـ سبق قضاؤه بتأخير حسابهم إلى الآخرة ، ولذلك لا يجيبهم إلى ما يستعجلونه من قيام القيامة.
وإنما اختلفوا لأنّ الله خصّ قوما بعنايته وقبوله ، وآخرين بإهانته وإبعاده ، ولو لا ذلك لما كانت بينهم هذه المخالفة.
قوله جل ذكره : (وَيَقُولُونَ لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (٢٠))
أخبر أنه ـ عليهالسلام ـ فى ستر الغيبة وخفاء الأمر عليه فى الجملة لتقاصر علمه عما سيحدث ، فهو فى ذلك بمنزلتهم ، إلا فى مواطن التخصيص بأنوار التعريف ، فكما أنهم فى الانتظار لما يحدث فى المستأنف فهو أيضا فى انتظار ما يوجد ـ سبحانه ـ من المقادير. والفرق بينه ـ عليهالسلام ـ وبينهم أنه يشهد ما يحصل به ـ سبحانه ـ ومنه ، وهم متطوّحون فى أودية الجهالة ؛ يحيلون الأمر مرة على الدّهر ، ومرة على النجم (٢) ، ومرّة على الطبع .. وكلّ ذلك حيرة وعمى.
__________________
(١) وردت (عمله) وهى خطأ فى النسخ.
(٢) المقصود بالنجم هنا الطالع والحظ من نحس وسعود.